لم تكن "كارباورشيب" الشركة التركية المتعاقدة مع مؤسسة كهرباء لبنان أول شركة تخفي عن وزارة العمل حقيقة صفات عمالها الأجانب، ولن تكون الأخيرة إذا تم التساهل مع المخالفات التي ترتكبها هذه الشركات والتي تضيع فرص عمل حقيقية للكفايات اللبنانية التي تضطر الى الهجرة لفقدان فرصها في بلدهم.
ولكن يبدو أن وزير العمل سجعان قزي دأب منذ تسلمه مهماته في الوزارة على ملاحقة هذه الشركات إذ أكد لـ "النهار" أن اعدادها تفوق التوقعات، وذلك للتهرب من دفع مبلغ مليون و800 ألف ليرة لمستخدمي الفئة الاولى والاكتفاء بدفع 400 الف ليرة رسم اجازة عمل لعمال التنظيفات والحمالين، وهذا الامر ينطبق على رسوم الضمان الإجتماعي وكل الضرائب.

اجازات عمل

والجديد في الموضوع أن دائرة التفتيش في وزارة العمل اكتشفت عملية تزوير صفة عمل لـ 54 مواطنا تركيا قامت بها شركة "كارباورشيب" المتعاقدة مع مؤسسة كهرباء لبنان حيث صرح عنهم انهم حمالون وعمال تنظيفات بينما هم يعملون كخبراء ومهندسيين فنيين.

وفي التفاصيل ان الشركة التركية "كارباورشيب" المتعاقدة مع مؤسسة كهرباء لبنان لتوليد الكهرباء عن طريق البواخر في زوق مصبح تقدمت بطلب لدى وزارة العمل للحصول على اجازات عمل لـ 54 عاملا تركيا على أساس انهم حمالون وعمال تنظيفات، وتبيّن بعد التحقيق الذي أجرته دائرة التفتيش في الوزارة بناء لطلب وزير العمل انهم خبراء فنيون مع مساعدين لهم ويعملون بهذه الصفة المزورة منذ اكثر من عام، وقد سطرت وزارة العمل محاضر ضبط بحقهم"، قدرت وفق قزي بنحو مليونين و700 الف ليرة لكل طلب في حق الادارة والموظفين (54 محضر ضبط للشركة، و54 للموظفين اي ما مجموعه 108 محضر ضبط، وهي بقيمة 300 مليون ليرة.
وتحضر الوزارة كامل الملف لتحويله الى النيابة العامة لاستجواب كل معني بعملية الغش والتزوير ومن بينهم ممثل الشركة في لبنان، وسارعت الشركة بعد انكشاف أمرها إلى طلب تغيير صفة عمل هؤلاء العاملين وتحويلهم الى فنيين "نظرا الى حاجة الوزارة اليهم في باخرة الجية لتوليد الكهرباء"، استدراكاً للفضيحة.

 

فرص العمل
وطلب وزير العمل تحويل الملف الى المراجع القضائية المختصة لاجراء المقتضى "لأنه لا يجوز في الوقت الذي وصلت فيه البطالة في لبنان الى الـ25 في المئة والشباب يهاجرون الى الخارج لانعدام فرص العمل ان نوظف عمالاً أجانب عوض تشغيل لبنانيين".
وفيما وضع قزي هذا الأمر برسم مؤسسة الكهرباء، أسف بأنها لا تكتفي بعدم تأمين التيار الكهربائي للمواطنين فقط، وانما بعدم توفير فرص العمل للبنانيين الاختصاصيين في قطاع الكهرباء حين تكون قادرة على ذلك.
وفي الوقت الذي لم يتضح ما اذا كان الوزير سيوافق على طلب الشركة لنقل صفة عمالها أم لا، علم أن الشركة التركية هي شركة محدودة المسؤولية مسجلة في جزر المارشال، ولديها وكيل لبناني وهو نقيب سابق لأحد نقابات المهن الحرة.
وكما ذكرنا سابقا فإن قيمة الغرامة على صاحب العمل الذي يشغل عمالاً أجانب بطريقة غير قانونية مليونين و700 الف ليرة. وفي حال سدّد قيمتها خلال 15 يوماً تنخفض قيمتها الى 300 الف ليرة، على أن يعطى مهلة شهر لإجراء إجازة العمل. أما في حال لم يتم تسديدها فإن الوزارة تحيل صاحب العلاقة على النيابة العامة.

 صحة الموضوع

ماذا عن دور نقابة المهندسين في هذا الصدد وما هي الاجراءات التي يمكن أن تتخذها في حق هذه الشركة؟. من المعروف أن كل شركة تريد التعاقد مع مهندس أجنبي يجب أن تستحصل على اذن مسبق من النقابة، وذلك في اطار الاجراءات التي تتخذها النقابة لحماية مهندسي لبنان. ويؤكد نقيب المهندسين في بيروت خالد شهاب لـ "النهار" أن من حق النقابة اتخاذ الاجراءات القانونية في حق هذه الشركة، وهي ستتحقق من صحة الموضوع لتقديم بلاغ للنيابة العامة ضدها. وإذ استغرب قبول مطلق مهندس بتغيير صفة عمله، حذّر أي شركة تستخدم مهندسين أجانب من دون الحصول على اذن تحت طائلة الادعاء عليها وملاحقتها عبر القضاء.
وتعقيباً على بيان وزارة العمل، أوضحت مؤسسة الكهرباء أنها غير معنية لا من قريب ولا من بعيد بهذا الموضوع، حيث أن إجازات العمل والإقامات هي على عاتق الشركة التركية التي هي على علاقة مباشرة بوزارة العمل وبسائر الإدارات الرسمية الأخرى المعنية بأمور العمال الأجانب وليس من خلال المؤسسة.

انتاج الطاقة الكهربائية
من جهتها ردت "كارباورشيب" على بيان وزارة العمل فأكدت أنها تلتزم قوانين العمل المرعية الاجراء في لبنان، وكذلك أكدت ان وجود العمال الأتراك في لبنان قانوني، "وهم دخلوا البلاد بشكل نظامي وقد تم تسجيلهم وفق الصفة الوظيفية المناسبة بناءً على استشارة قانونية".
وأوضحت أنه – وبعكس ما يلمح البيان- لا يوجد أي سوء نية وإنما خطأ حصل في ظل الضغط لزيادة انتاج الطاقة الكهربائية خلال السنة الحالية، وقد تم تطوير دور العمال لتلبية متطلبات العمل الحالية وتوفير التيار الكهربائي للشبكة اللبنانية.
وأشارت الى أنها أخذت على عاتقها المسؤولية المتأتية من هذا اللغط، وقد تم دفع كل الغرامات المتوجبة (عشرة ملايين ليرة فقط)، في حين تقدمت الشركة وبشكل فوري، بطلب تسوية أوضاع جميع العمال المعنيين بعد طلب وزارة العمل وذلك بغية تصحيح صفاتهم الوظيفية.
وتطرقت الى دورها الاقتصاد اللبناني وفي تأمين فرص العمل، فأعربت عن فخرها  بتأمين العمل لأكثر من 200 عائلة لبنانية، كما وتتعاون الشركة مع أكثر من 250 شركة لبنانية موردة أو متعهدة للخدمات.