ترتهن العلاقات الإيرانية السعودية لتاريخ "دموي" ولإستراتيجيات متعارضة ، وعلى الرغم من غليان المنطقة المزمن بين إيران والمملكة العربية السعودية ، والذي عاد ليصل أقصاه إثر ازمة اليمن والتي كانت بظاهرها بين الحوثيين والشرعية أما في الواقع بين إيران والخليج تتصدرهم السعودية ، حيث أنّ عاصفة الحزم لم تكن ضد الحوثي وإنما ضد إيران الطامعة في مد أطرافها شرقاً من العراق لسوريا للبنان (حزب الله ) لحوثيي اليمن !

 

عاصفة الحزم والإتفاق النووي تمكنا من الحد من أطماع الإيراني في الشرق الأوسط ، إلا أنّهما لم يقضيا على الضغينة بين إيران والسعودية ، لتأتي كل الأحداث المتلاحقة خادمة لهذه الضغينة ومطعّمة لها ، فمن حادثة الرافعة والتي قضى بها عدد من الإيرانيين بينهم عالم فضاء له أهميته وثقله ، وصولاً للحدث الأكبر وهو حادثة التدافع والتي سقط إثرها مئات الإيرانيين ما بين قتيل وجريح ومفقود وفي حين كان مصير العديد من الدبلوماسيين مجهول وبينهم غضفنر آبادي ، الأمر الذي أدّى إلى وصول التوتر إلى ذروته بين الطرفين ..

 

فإيران اتهمت المملكة بالتقصير وبعجزها عن إدارة شؤون الحج وعن حماية زائري بيت الرحمن ، وطالبت بمشاركة في التحقيق ، بل وذهبت أبعد من ذلك إلى تجديد الطرح الذي يقضي بجعل عدة دول تتشارك ملف الحج !

كل ما طرحته إيران حاز رضى حزب الله ودعمه بل وخرج نصر الله في مقابلته الأخيرة مردداً للمطالب الإيرانية على أنّها صاحبة حق !

 

في مواجهة هذه الإستثمارات الإيرانية لحادثة التدافع أشارت مصادر إلى أن حجاج إيرانيين عاكسوا الإتجاه متخطيين التوجيهات هم من سببوا هذه الكارثة ، هذا الإتهام لإيران أجج الوضع إلى ذروته ليصل الأمر إلى تهديد علني من خامنئي للمملكة بكشف مصير دبلوماسيها لا سيما وبعد شيوع معلومات عن عملية للموساد بدعم من السعودية ، هذا إضافة إلى المطالبة بالجثث ...

 

الرد على وعيد خامنئي تجلى يوم أمس من خلال إعلان الإعلام الإيراني مقتل دبلوماسييه وبينهم غضنفر آبادي ، إلا أنّ هذا الإعتراف بأن الدبلوماسيين في عداد الأموات وليسوا بين المفقودين اقترن بتهديد من المستشار العسكري لخامنئي مفاده أن إيران ستلقن آل سعود درساً !

 

وهذا التهديد سيشهد في الأيام القادمة تداعيات عدة فالسعودية من جهة لن تشرك إيران في التحقيقات ومن جهة ثانية لن تستطيع تلبية طلبهم بجثث القتلى لأنه مطلب شبه مستحيل إن لكون عملية الدفن قد تمت أو لصعوبة التعرف على الهوية والتي تستلزم العديد من الإجراءات المعقدة ...

 

لنتساءل هنا : في ظل ما تشهده المنطقة من تبدل سياسات واستراتيجيات ، هل هناك مخطط "أميركي - صهيوني" للتضييق على المملكة بمساعدة إيرانية ، وهل كان ثمن الإتفاق النووي هو الإلتفاف ضد السعودية وهي الراعية لنفط الخليج ولمضيق باب مأرب !

 

وهنا إن ربطنا بين التقارب الأميركي الإيراني في الملف النووي ، وبين ما يشاع عن تقارب روسي إيراني في القضاء على داعش والذي كانت نتيجته حتى الآن استهداف جيش الفتح ، نجد أنّ الاستراتيجيات المعتمدة تقوم على مثلث أميركي - إيراني - روسي ، وأنّ الهدف هو إعادة تكوين شرق أوسط يتنساب مع مطامع كل من الشيطان الأكبر والدب الروسي ...

 

أما عن لبنان فهو سيكون ضمن محور هذه التغييرات إنطلاقاً من مؤشر حزب الله الموالي لنظام الأسد ولإيران والحوثيين والمعادي للمملكة العربية السعودية ولحكامها ، هذا الحزب الذي سبق وأعلن أمينه دعمه للصفقة النووية ، كما وأعاد إعلان ترحيبه بالتدخل الروسي ، وهذه المواقف تصّب في مصلحة الدول الكبرى ومخططاتها لضرب معالم العالم العربي وتفكيك أواصره ابتداءً من لعبة الربيع العربي والحريات وصولاً إلى تضليلها وتغذية الإرهاب ومن ثم اتخاذه وسيله للدخول العسكري إلى الشرق !