ترافقت مشاركة بعض الشيوعيين في الحراك ، مع عديد من الإتهامات ، فمن التسييس إلى استثمار الحراك لغاية عودة قدامى قيادتهم الحزبية أمثال نحاس وغيره للواجهة ، وصولاً إلى زيف المطالب ....

هذه الإتهامات وإن كانت مبررة ظاهرياً فالحراك المدني الصحي الذي جاء ارتداداً طبيعياً لمرض "الفساد" المزمن ، ليس بوارد أي شائبة تشوّش على أحقية مطالبه لا سيما وأنّه مستهدف من قبل حماة المغارات الرسمية ..

 

إلا أنّه وفي الواقع والمنطق لا يمكن إسقاط هذه الإتهامات على كل شيوعيّ رفع صوته مندداً ضد السلطة .

 

فها هم الشيوعيون من الجنوب سواء كانوا من ضمن الحزب أم لم يكونوا ، يندفعون إلى الحراك إنطلاقاً من أوجاعهم كمواطنين وليس "مدفوعاً لهم" أو بأمر "حزبٍ" ، فحسن (ق) ، وهو من أفراد الحزب الشيوعي ومن الرافضين لهذه التهمة التي كتبها العديد من أهل الصحافة ممّن تبنوا موقف الحراك ،  يقول لموقعنا ، أنه شيوعي وضمن الحزب وهو كذلك من المندمجين في كل تظاهرات الحراك المطلبي ومن الرافعين لشعاراته ، (ق) يؤكد لنا أنّ مشاركته في الحملات هي مشاركة فردية وليست بقرار حزبي ولا بأمواله ، فالحزب الشيوعي لا يغطي أيّ من مصاريف التحركات ...

ويضيف حسن " بنزين الباصات الي عم تنقلنا كنا نتقاسمه عبعضنا ، لأن تعبنا تهميش ودويلات وفساد " معرباً عن غضبه من كل هذه الإتهامات .

فإبن مدينة النبطية "الشيوعي الهوى" والذي اكتوى حسب تعبيره بحكم الثنائية الشيعية السائد في المنطقة ، والذي "لا بيرحما ولا بيخلي رحمة الله تنزل عليها" ، يقول لمن يرفضون انخراط الشيوعيين في الحراك ، " أنا أيضاً مواطن لبنان وأعاني من الفساد ويحق لي أن أقول "كلن يعني كلن" وإن كنت شيوعي ! " !

 

علي (أ) من عيترون ، يقول أنا شيوعي للدم رغم أني لست منتسب إليهم حزبياً ، إلا أنني لا أفهم هذه الجلبة والضوضاء التي تداعت لمشاركتنا في التظاهرات ،  هل أنك شيوعي يعني محرّم أن تكون لبنانياً وأن ترفع صوتك ضد الفساد ؟

علي يوضح لنا ما يعانيه أهل الجنوب من الحرمان ، وأنّ ليس كل ما يقال إعلامياً هو صحيح مؤكداً أنّ المعادلة التي تعتمد هناك " يا بتكون حزب وأمل وبتاخد كل شي ، يا ما بتكون معهن (ولو مش ضدهن) وما الك شي " !

مضيفاً : لا تصدقي كل مهلل وكل قائل لبيك (ومش ناقصنا شي) ، فبالدولارات يمكن أن يقولوا لك لبيك "يا عزرائيل " ، وأنا أؤكد لك نحن أهل الجنوب "ناقصنا كل شي" ينقصنا دولة ، أمان ، ضمان ، فرص عمل ، كهرباء ، ماء ...

ويستنكر علي اتهامهم "بالقبض" ، ليقول ، من يتهموننا أنّ مشاركتنا مدفوعة الثمن ، أخبروهم اني أقوم بإستدانة "اجار الباص" أحياناً لأتمكن من الوصول للحراك وللمطالبة بحقي ، ليختتم كلامه لنا بغصة المعاناة فيتوجه لكل المنتقدين لمشاركتهم بعبارة : " تريدون منّا أن لا نرفع صوتنا وأن لا نشارك بحركات ضد الفساد ونحن أكثر من شرب مرّ الفساد وديكتاتورية التبعيات " ..

 

حسن وعلي هما نماذج من كثر ، فالشيوعية المنخرطة بالحراك هي بأغلبها شيوعية فردية ، أما نحن فحينما انتقدنا المشاركة انتقدنا القيادات وليس الأفراد ، فالفرد هو مواطن مثله مثلنا وهو من تحمل وزر فساد السلطة وسرقاتها وأطماعها ، ويحق له أن يقول لهم " ارحلوا" و "كلن يعني كلن"