تتجه جماهير تيار المستقبل اليوم إلى مطالبة السيد حسن نصر الله بتكثيف إطلالاته الإعلامية سواء كانوا يتفقون معه في مضامينها أو يعارضون ، هذا التوجّه يعود لإرتباط الحضور الإعلامي عبر مواقع السوشيال ميديا للشيخ سعد الحريري بما يقوله السيد ضد السعودية !

 

فالحريري وهو الغائب الأكبر عن الساحة اللبنانية السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، والمعتكف عن موجة الحراك المدني وطاولة الحوار تاركاً لأقطاب تياره وللسنيورة أن يمسكوا بخيوط حضور المستقبل في لبنان ؟

 

استراتيجية كوادر تيار المستقبل اللبنانية أصبحت تعتمد "على البقاء" فشعبيته التي شهدت تراجعاً ملحوظاً بسبب الأداء غير الواعي لبعض الواجهات السياسية الزرقاء ، بدأت تنهار بفعل احتجاب الشيخ سعد عن لبنانيته والإندفاع نحو سعوديته ، مع الإشارة أنّ هذا التيار كان بين يديه فرصة "ذهبية" لم يجد استغلالها ألا وهي اندماجه في موجة الحراك وهو الأكثر قبولاً من الشعب من قوى 8 آذار ؟

غير أنّ تورط البعض من نوابه و وزرائه بملفات الفساد دفعه للإصطفاف مع بوتقة راجمي هذه الموجة ليتحوّل للفاسد الأكبر ولتثار التساؤلات حول مملكة الحريري طارحة سؤال "من أين لكم هذا؟"  !

 

هذه الاستراتيجية التي تأتي انعكاساً للخط السيو-حزبي الذي اعتمده نصر الله مع سوريا وإيران ، لتتحوّل خطاباته هو أيضاً لساحة نقاش في الأزمة السورية وشرعية بشار إضافة إلى الدور الريادي الذي تمارسه إيران في المنطقة يقابله سلبية الأداء السعودي و وحشية حربها ضد الحوثيين (حسب تعبيره) ...

ولتحفل منابره بإنتصارات وهمية لا ناقة للبنان بها ولا جمل ، ولهدنات خارجية ولتبعيات وصلت إلى حدود موسكو والترحيب بدورها !

 

 

في ظل هذه السياسات المتمثلة خارجياً بقوة ، تحضر جماهير التيار الأزرق "بلا تمثيل" و " بلا زعامة " فبعد استشهاد الحريري الأب لم يتمكن نجله من احتواء التيار أو إعادة لمّ شمله تحت راية وطنية واحدة ، وعلى مدى عشر سنوات في ممارسة السلطة لم يقدّم لمن آمنوا بمدرسة الشهيد إلا ضعف الأداء المتراكم حتى إعتصم أخيراً بحبل السعودية متناسياً من هللوا له يوماً في لبنان ...

وعلى الرغم من التجربة السياسية غير الموفقة للحريري ، ما زال من كانوا بصف أبيه من اللبنانيين ، ينتظرونه تحت مبدأ "الغريق بيتعلق بقشة" ، إلا أنّه كان دوماً مخيباَ للآمال فلا تنهز الساحة اللبنانية لحضوره الإعلامي المدوّي والفعّال إلا مدافعاً عن المملكة العربية السعودية ومجيباً بنبرة حادة على خطابات السيد حسن نصر الله المنتقدة لها .

حتى كدنا أن نتمنى من السيد حسن نصر الله أن يحضر كل يوم إعلامياً  ، ليقوم الحريري بالرد السريع عليه (تويترياً) ، فيطمئن المستقبليون أنّ زعيمهم ما زال على قيد السياسة وإن كانت سعودية لا لبنانية .

 

أسلوب البروباغندا هذا المعتمد من السيد من جهة ومن الحريري من جهة أخرى ، إنّما هو عبارة عن تقاطع مصالح غير مقصود إلا أنه يصب  في إعادة تجييش الجماهير وتعبئتهم ، وبين خطاب إيران واليمن واتهام السعودية ، وخطاب الدفاع عن المملكة ، يظهر لبنان الغائب الوحيد عن الرؤوس السياسية اللبنانية .

لنتساءل هنا :

ماذا قدمت سوريا وإيران للسيد ؟ والجنوب لا ماء ولا كهرباء ويشيع يومياً شبابه !

وماذا ستقدم بالتالي روسيا؟؟

 

ولنتساءل أيضاً : لماذا هذا الإندفاع من الحريري اتجاه المملكة العربية السعودية والتي أقفلت "مغارتها " فها هم موظفوه منذ ستة أشهر لم تصرف لهم المعاشات ، وقصر قريطم تواردت أبناء عن نية العائلة بيعه ، ممّا يعني أن عبارة "إفتح يا سمسم " لم تعد تنفع الحريري في السعودية !

 

بإختصار إنّ ما يصنعه كل من السيد والحريري هو لعبة "أخذ و رد" لإشغال اللبنانيين بالخارج وبالتالي تغييب الأزمات اللبنانية عن الساحة الشعبية لا بهدف التقليل من أهميتها وإنّما نتيجة لإخفاقهم بها ، فنراهم يلجأون إلى إيهام البيئة التي ما زالت تابعة لهم أنّ هذا الإخفاق إنّما هو نتيجة الإهتمام بقضايا كبرى ومصيرية ، خوفاً على هذه الجماهيرية من الذهاب نحو الحراك من جهة وحفظاً لماء الوجه من جهة ثانية ، ولعلّ ما قاله السيد في مقابلته الأخير عن أنّ عدم انخراطهم بالحراك هو لحمايته إنّما هي رسالة تحذيرية لكل المهللين له بالإبتعاد عن ساحات التظاهر المطلبية !