د. حنا الحاج

المتعارف عليه  سوسولوجيا وحقوقياً،  أن تكون  " الدعارة  فعل استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية  مقابل أجرٍ مادي "،  أياً تكن قيمة الاجر  أو  طبيعته.  وقد عرَّفها  البعض  أنها  " بيع خدمات جنسية ". 

 

 

اذا كان الاتِّجارُ بالجسد،  يسمى دعارة أو بغاء،   فماذا يسمى  الاتِّجارُ بالوطن ، و نهب الخيرات والموارد،  وسرقة حقوق الشعب وتهجيره،  ومحو هويته والذاكرة الوطنية،  ورهن السيادة،  والاستقلال، التي قدِّمت  خدمات،  مقابل  أجْرٍ  مادي، إثراءً غير مشروعٍ ،  أو شهوةَ سلطةٍ مستدامة ؟!

 

في النموذج الاول، تشكِّلُ الدعارةُ  إنتهاكاً لقيمة الفرد وكرامته،  أمَّا  الدعارة في السياسة، فهي انتهاك للجماعة في حقوقها وكرامتها  وقيمها.  بين السقوطين- المحرَّمين  لا تجوز المقارنة.  

 

 أن تبيع إمرأة جسدها، أو أن  يبيع رجلٌ جسده، قد يكون للفعل ما يبرره اجتماعياً، إقتصادياً، عائلياً، أو نفسياً،  وقد تمنحه  القوانين والاجتهادات  أسباباً تخفيفية ،  أو قد  تهبه العناية الالهية  تبرئة  مجدليِّة !

 

 أما  أن تصبحَ  الدعارة مفهوماً يحاكي الاجتماع - السياسي،  ويتماثل في سلوك  السياسيين الشاذين الذين يحلِّلون  الحرام،  ويحرِّمون  الحلال،  يدمِّرون  الشرعيِّة،  ويزوِّرون  وكالة  الشعب،  ينتهكون  كل شيء.   يعلقون السلطة و القوانين و العدالة،  وتسود شريعة الغاب والبغاء، وتسقط المؤسسات، و يكون السقوط عظيماً !

 

منذ عقود ، و لبنان يعيش حالة شذوذ سياسي،  حولته  مواخيرَ  فسادٍ،   تقدِّم  اللذاذة  الحرام بكل أشكالها، لكل صاحب شهوة،  وما أكثرهم.

 

 عجائب الدنيا السبع أدهشت العالم،  فماذا عن  عجائب   لبنان ، عجائب سياسيين  وحكام   فاسدين .؟!

 

 عجائب هؤلاء عظيمة  بـ " سوريالية "   فسادها،  وتنوعه،  واستحالة تماثله .   فحشاء جماعية،  شرعيتها إغتصبت،  في غفلة من  نواطيرها ،  ومن حراس صاروا جزءاً من  منظومة الفساد؟

ولمن خانته الذاكرة،  أو حُرِمَ  نعمة الاطلاع  على عجائب لبنان ، نضع مُدونَة جديدة منقحة :

 

-  دستورٌ  معوَّقٌ  مبتور الرأس، مسكونٌ بترويكا الرؤساء تتوزع السلطة وتتقاسم المغانم.

- رئيس جمهورية،  يملك ولا يحكم ، فيأتي " طبشة " ميزان، أو رقماً زائداً.

- الشعب مصدرُ  السلطات ، أمَّا في لبنان فمجلس نواب،  يعمل أوتوماتيكياً ويجدد وكالته بذاته تلقائياً.

-  حكومات العالم تأتي  وتذهب  وفق مشيئة شعوبها،  أما  في لبنان  فالحكومات تُشكَّلُ رغم أنف شعبه، ووفق مشيئة خارجية بامتياز.  

-  المسؤول في بلدان العالم يستقيل،   أو يقال إن هو ملأ  خزان  سيارته من المال العام،  وفي لبنان معظم المسؤولين ، إن لم يبلعوا الاخضر واليابس،  صنفوا  أغبياء وأكثر.

- موظفو الدولة في خدمة الشعب،  وفي لبنان الشعب في خدمة موظفيه .

-  دول العالم تعمل على إعداد مواطنين ، وفي لبنان تجهد الدولة  لبرمجة أزلام  وأتباع.

- القوانين تفصَّل على قياس الشعوب وحاجاتها،  وفي لبنان تستنسخ القوانين على قياس الحكام والنافذين.

- القضاء صوت الله وعدالته ، وفي لبنان رحلت العدالة،  فرزح الشعب تحت نير الفساد، وأثقل بديون حقيقية بلغت مئة مليار دولار أميركي وأكثر.

- الحاكم حارس الهيكل، وفي لبنان نراه  يوزِّع  املاك الشعب  ، بَحْريَّة كانت، أم نهريَّة ، و بريَّة  مكرمات على المحظيين. وهي إن استثمرت ولم تُنْهبْ ، لاشبعتْ جياعَ  الوطن وفقراءَه.

- ثروات الاوطان مخزونٌ إحتياطي،  يحافظون عليه حفاظهم على السيادة والاستقلال، وفي  لبنان يُحرَّم إستخراج ثرواتنا الوطنية من غاز ونفط،  ومياه،   إنْ لم تدخل منظومة المحاصصة.

- أعجوبة سوكلين ،وظاهرة النفايات في لبنان وكيفية معالجتها، لن تجد لها مثيلاً .

-  والاعجوبة الاكبر، مؤسسات عامة تحوَّلتْ مرتعاً للعاطلين عن العمل،  أو ملاذاً للفاشلين من أزلام الاقطاع  وأمراء الحرب،  مع الاعتذار من قلة  الاوادم،  والشرفاء،  و النخب !