تفاجأ اللبنانيون اليوم بالوزير نهاد المشنوق يهتف لأجل الحرية ، حيث أنه وخلال افتتاح مركز حجز مؤقت للأمن العام في ساحة العبد أشبع وزير الداخلية السامعين بشعارات الديمقراطية والنضال معتبراً نفسه في صلبها وفي صدارة قوافلها ، غائباً عن ذهنه أنّه هو القامع الأوّل للحركات المطلبية ولصوت الشعب المناهض للفساد ، وأنّ كل التعديات التي قام بها قوى الأمن على المتظاهرين والتوقيفات العشوائية التي طالتهم كان هو المسؤول المباشر عنها يضاف إلى كل ذلك ما تعرض له الشباب في ثكنة الحلو من إذلال ومسّ بالكرامات ...

ما قاله المشنوق تخطى حد الشعارات إلى تحميل الدولة مسؤولية السجون وحالها ، لنسأله " إن كانت الدولة يا معالي الوزير هي من تتحمل وزر الحالة الخارجية للسجون ومراكز الحجز فمن يتحمل سوء المعاملة اللا إنسانية خلف القضبان وهمجية التحقيق والتعامل مع الموقوفين بمنطق "الجلاد" ."

أم أنّ وزير الداخلية استطاع بسهولة تجاوز فضيحة رومية ، بل وتمكن من أن يمحوَ من تاريخه ما شهده الحراك من انعكاساً حقيقياً لسياسته المستبدة ولتحويله وزارة الداخلية لفرع من فروع النظام الأسدي في لبنان .

أما المفارقة الأكبر فهي استشهاد وزير الداخلية بالدستور ، وتغاليه بحقوق السجين  ، وهو المنتهك الأوّل لها وللإجراءات الضامنة لحمايتها ...

وتابع وزير الداخلية خطابه "البراغماتي " ليضيء على مشكلة النازحين فخوراً أنّ لبنان هو من استقطب قرابة 30% من السوريين أي حوالي مليون ونصف لاجىء معتبراً أن التجربة أمامنا الآن في أوروبا ؟

إن تفاخر الوزير في هذا الملف يسوده العديد من الشوائب وقلة المسؤولية ، فأن يستوعب لبنان لاجئين يقدر عددهم بنصف عدد سكان لبنان الفعليين هي كارثة بحد ذاتها  هذا دون الخوض في الأزمات التي انعكست لبنانياً من بطالة وازدياد نسب الفقر إلى الفوضى التي عمّت المدن هذا ناهيك عن الأمن وكثرة الجرائم وانتشار الأمراض والأوبئة ...

الوزير يرى الملف "على أفضل ما يكون" وكأن لبنان كما أوروبا ، يملك من المساحات ما يمكّنه من استقبال أعداد هائلة ، وكأن الدولة العاجزة عن تأمين حاجيات أبناء وطنها قادرة على تلبية الحد المعيشي الأدنى للاجئين ..

إنّ هذه المقاربة بين لبنان وأوروبا مع هذا الأسلوب الذي يعتز بحال لبنان واللاجئين ، يوضحان مدى استخفاف الوزير بالأزمة ، فالدول الأوروبية تستقبل اللاجئين أرضاً لتؤمن لهم حياة معيشية لائقة من مسكن وتعليم وطبابة بينما هم في لبنان على الأرصفة يعانون التشرد والأمراض ولا حاميَ لهم .

منبر المشنوق لم يخلُ من المجاملات ومن المباركات بينه وبين مسؤولي الأمن فمن اللواء عباس ابراهيم للعميد منح صوايا تم "تلميع" التجارب والإستشهاد بملف الإرهاب وما حقق به من نتائج ، وطبعاً نحن لن نغالي على القوى الأمنية بهذا الملف ولكن لبنان يا معالي الوزير ليس آمناً سالماً فما زالت حدوده مفتوحة وما زالت عرساله تشهد كل يوم مناوشات مع مجموعات إرهابية ، ومن المبكر جداً الحديث على إنجازات والبلد "على كف عفريت" داخلياً بسبب السلطة الفاسدة والتي أنت من صميمها والتي لم تنسَ مباركتها خلال خطابك اليوم منتقداً التظاهرات ومعتبراً اياهم "كلام الحق الذي يراد به باطل وكلام الباطل الذي يراد به باطلاً"

اذاً ، اليوم كان بمثابة مناسبة استغلها وزير الداخلية لتعظيم الأمجاد ولبلورة واقع مرّ على أنه حلو !

عذرا نهاد المشنوق "كلن يعني كلن" وأنت في مقدمتهم ، كفاكم فساداً وكفى محاضرة بالنزاهة فقد اصبحت وجوهكم مكشوفة !