للمرة الثانية يتم الإعلان عن هدنة في الزبداني بين "حزب الله" وجيش الفتح" ورغم خرق الهدنة إلا أنه لا يزال الحديث قائم عن تمديد قد يستمر لمدة ستة أشهر وربما دائما. فبعد المعارك الطاحنة التي دارت بينهما،إستطاع جيش الفتح أن يسيطر مساء السبت على تلة الخربة الإستراتيجية الواقعة في قرية شيعية في ريف إدلب بعد استهداف محيطها بعربة مفخخة، لتتابع الانفجارات العنيفة داخل البلدة.

وهذه السيطرة الكاملة تعني ان معظم أحياء الفوعة بالإضافة للطرق الواصلة بينها وبين كفريا أصبحت تحت نيران مقاتلي "جيش الفتح"، كما عنى إحكام السيطرة عليها تقليص مساحة المناورة لدى الجيش السوري وحزب الله، بالإضافة لوقف الإمداد الجوي حيث كانت مروحيات النظام تلقي سلل الذخائر في المنطقة الواصلة بين الفوعة وبين تل الخربة كونها أوسع منطقة سهلية.

هذا الإنجاز الذي حققه الثوار يندرج في سياق دحر المحتل حيث لاذ عدد من الجيش السوري والمسلحين بالفرار إثر مقتل العشرات منهم. واستهداف جيش الفتح بالصواريخ لمقرات النظام السوري في منطقة الصواغية جنوب غريي الفوعة ومنطقة دير الزغب ومحيط التلة، جعلهم يتراجعون نحو المداخل الأساسية لكفريا والفوعة.

هذه الأحداث متسارعة دفعت بحزب الله ربما إلى إعلان الإستسلام والطلب من إيران الصديقة الدعم فسارعت الأخيرة إلى طلب هدنة مدتها يومان ليحصل ذلك فعلا وتبدا الهدنة من يوم الأحد عند الساعة الثانية عشرة ظهرا.

والجدير ذكره هنا، انه وبالمقارنة مع الهدنة الأولى نجد الحذر يسيطر على سلوك المفاوضين الإيرانيين إما من ناحية الشروط المطروحة المتمثلة بإخراج كل المسلحين والراغبين من المدنيين من منطقة الزبداني باتجاه إدلب، مقابل خروج عشرة آلاف شخص من الفوعة وكفريا من الأطفال دون سن الثامنة عشرة ومن النساء والمسنين فوق الخمسين، بالإضافة إلى الجرحى أو من ناحية عدد الذين سيتم تحريرهم المتمثلة بإطلاق سراح خمسمئة معتقل لدى النظام بينهم 325 امرأة و125 طفلا، وينفذ الاتفاق برعاية الأمم المتحدة، وتشكل مجموعة عمل لضمان تنفيذ بنوده.

فالهدنة الأولى كانت مناقضة كليا للشروط المذكورة الآن حيث كانت إيران تفرض أوراقها السياسية كما تريد ظنا منها بأن الخاتمة ستكون كما رسمتها، غير عالمة بأن السفن أحيانا تسير بعكس ما تشتهي الرياح وأن الأوراق قابلة للربح والخسارة وأيضا حسب القوة وحسب العزيمة.

فجيش الفتح أراد النصر وحققه وسيطر على مواقع إستراتيجي فكسرت بذلك كلمة نصرالله الشهيرة بأن طريق القدس تمر بالزبداني ليبقى عناصره في الزبداني منتظرين حلا دائما بعد ان تمر هدنة الستة أشهر على خير.

هذا ميدانيا اما سياسيا، فيبدو أن الجو العام الذي يدل على إحتمال حصول تسوية دائمة لحل الأزمة في سوريا قد جعل "إيران" و"حزب الله" يعيدون النظر في حساباتهم وأرادوا التوقف عن حمل المزيد من دماء "الشهداء" على عاتقهم فأرادوا الوقوف عند هذا الحد، خصوصا أنهم على علم بأنهم ل يتقدموا وإن تقدموا فسيشهد الجنوب والضاحية أعدادا تساوي أعداد الذين سبقوهم بحسب ما قاله عنصر في حزب الله.

ختاما، ما علينا التمني أن يتم التوقف على غسل دماغ شباب بأفكار ثقافة الموت وأن يستقيظ النائمون لإعادة الزبداني إلى أهلها وليس لرئيس قال يوما لن اتنحى إلا بإرادة شعبية وهو يعلم أن الشعب لم يعد يريده.