إنّ المشاهد التي رصدها الإعلام يوم أمس والتي تناقلتها مواقع التواصل الإجتماعي تعكس العقلية العنيفة عند اصحاب القرار السياسي ، هذه الصور التي وصلت للغرب عاكسة الديمقراطية اللبنانية المبنية على القمع وعلى مبدأ الزعيم أولاً ...

 

فما كنا جاهلين به لبنانياً وما ترسخ في التحركات المطلبية  أنّ التظاهر والتعبير السلمي في وطننا مشروط بخلفية سياسية وبعدم التعديّ على "كراسيهم" وإلا لن يمرّ ، فجمهورية الديمقراطية هي مرتهنة لديمقراطية سياسية لا شعبية ، وصوت المواطنين محكوم بمباركة السلطة الفاسدة حتى يحترم وإن لن يسمع بشتى الأحوال!

 

تظاهروا ضدهم فأوسعوهم ضرباً ومهانةَ ، هذا خلاصة المشهد الذي سيطر ، ليتحوّل بالتالي أفراد الأمن من حماة للناس والحقوق الدستورية ، لحماة لمناصب وحقائب خاف أصحابها عليها ، فضربوا شعبهم بيد من حديد دون تمييز بين مراهق وإمرأة أو كبير في السن ، وفي تخطي سافر للمقامات والكرامات ؟!

هو مشهد أعادنا إلى عهد الوصاية والمخابرات والتوقيف العشوائي والدعس على رؤوس الشعب ، مشهد أكدّ أنّنا ما زلنا بفكر النظام السوري وبجوّه الديكتاتوري لأنه وإن رحل غير أنّ مناصريه من السياسيين والداعمين له يوم كان "الوصي" على لبنان ، ما زالوا هم أنفسهم يتداولون السلطة بهذه العقلية المبنية على تحطيم إرادة الشعب ...

 

القوى الأمنية "مأمورة" ، ولكن العنف المبالغ لا يشفع لا سيما وأنّهم من الشعب لا من الحكام وأنّهم الأدرى بالمطالب وبأوجاعها ، وإن كان لقمة العيش كافرة وهؤلاء العناصر بحاجة لهذا العمل الذي يؤمن لهم "السترة" ، غير أنّ التخلي عن الكرامة أكثر كفراً وخير أن نموت جوعاً لا كرامةً

لذا هي دعوة لكل العناصر الأمنية بمختلف فروعها إنضموا للشعب فالأصوات التي تصرخ خارج الوزارات المحتلة هي لأجلكم لأجل كل فرد منكم ، أما من تحموهم فهم الذين يجلدوكم يومياً ويعتاشون على دمائكم ...

 

فالسلطة السياسية في لبنان هي سلطة مستبدة ، تعمل لمصلحتها ولأرصدتها الخاصة غير آبهة لا بشعب ولا حتى بقوى أمنية ، هذه السلطة التي دفعت اللبناني ليتساءل "عسكر على مين" ، بعد الفتنة التي أحدثوها بين المواطن وعسكره ...

لذا علينا الآن وفي المرحلة الراهنة أن نتحد معاً في معادلة ثلاثية شعب - جيش - قوى أمن في مواجهة فسادهم ومصالحهم الضيقة ، أن نتحد لأجل لبنان وليظل فعلاً لبنان أولاً ، وطن الشعب لا الزعامات ، وعلينا بالتالي أن نحوّل مفهوم عسكر على مين لعسكر على الفساد على الحرامية ، على سارقي الشعب مهما كانت سلطتهم ومهما كان بطشهم !