مشهدان مؤلمان تصدرا الاحداث في الايام القليلة الماضية : المشهد الاول صور اللاجئين السوريين الهاربين الى اوروبا عبر البحر المتوسط او عبر الحدود البرية وحجم المعاناة والمآسي التي يواجهونها، والمشهد الثاني الهجوم الصهيوني على المسجد الاقصى واقتحامه والسعي لفرض نظام جديد يسمح للصهاينة بالدخول اليه في اوقات معينة وقيام المرابطين من ابناء فلسطين في الدفاع عن المسجد المبارك وبالمقابل قيام الجنود الصهاينة بحرق اجزاء من المسجد والاعتداء على الفلسطينيين المرابطين فيه. وفي مقابل هذين المشهدين المؤلمين، لم نجد سوى ردود فعل عربية واسلامية مستنكرة او متأسفة او معبرة عن المها ووجعها، وبالمقابل ليست هناك اية خطوات عملية ان لانقاذ اللاجئين والمهاجرين السوريين الى الغرب او من اجل انقاذ المسجد الاقصى من الاعتداءات الصهيونية المتكررة.

والسبب الاساسي وراء غياب اي عمل جدي لمواجهة هذه الاوضاع والتطورات الخطيرة غرق العرب والمسلمون في الصراعات الداخلية والمسلحة وخصوصا في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والبحرين ولبنان ومصر وتركيا، وحتى داخل فلسطين ، ويشارك في هذه الصراعات دول عربية واسلامية وتنظيمات واحزاب اسلامية وتصرف فيها مليارات الدولارات وتخصص لها الاسلحة الثقيلة والصواريخ والطائرات ، وكل فريق يشارك في هذه الصراعات يدّعي انه يدافع عن مصالح العرب والاسلام والمسلمين وانه معه الحق وان الاخرين هم الظالمون والمخطئون ، وبانتظار معرفة الحقيقة ومن معه الحق ومن عليه الحق يسقط عشرات الالاف من الضحايا وتدمر البلاد ويهجر العباد وبالمقابل يقوم العدو الصهيوني بتنفيذ مخططاته للسيطرة على المسجد الاقصى وتهويد القدس والاراضي الفلسطينية.

فيما يتشرد الملايين من السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين والبحرانيين في اقاصي الارض ويعانون من الذل والقهر والالام ويواجهون الموت في عرض البحر او على الشواطيء او في الشاحنات او على الطرقات.

الا تكفي كل هذه الاحداث والتطورات كي تدفعنا جميعا وخصوصا الدول الفاعلة والقوى المؤثرة لوقف الصراعات الداخلية والاهلية والبحث عن تسويات سياسية من اجل ان نحفظ البلاد والدماء والعباد ونتفرغ لمعالجة قضايانا الاساسية. قد يقول البعض ان هذا الكلام مجرد امنيات او تعليقات عاطفية ولا يفيد اي شيء، لكن السنا بحاجة جميعا كي نذكر بعضنا بعضا بمآسينا عسى ان يشكل ذلك دافعا لنا للعمل والمراجعة واعادة النظر بادائنا وسياساتنا.

لقد وصلت الاوضاع الى اسوأ مراحلها ولم يعد هناك من سبب ومنطق لاستمرار كل هذه الصراعات الدموية فلنعمل جميعا لوقفها او اطلاق المبادرات للوصول الى تسويات عملية وليقدم الجميع تنازلات حقيقية كي نوقف هذه المآسي ونتفرغ لقضايانا العادلة والحقيقية.