العميل او الجاسوس هما وجهان لمعنى واحد. وهو الذي يعمل لصالح دولة اجنبية على حساب مصلحة بلده. وهو شخص يعمل في الخفاء وتحت شعار كاذب ليحصل على معلومات عسكرية أو سياسية أو امنية أو جميعهم بهدف إيصالها إلى دولة خارجية. ومهمته تدوم في السلم كما في الحرب. وقد يكون العميل سريا أو علنيا.

وفي هذا المعنى تنطبق على العميل صفة الخائن لوطنه وعرضه وابناء جلدته.

والعمالة مسألة عميقة في التاريخ وتعود إلى المراحل الأولى التي تم فيها التأسيس لكيانات سياسية اتخذت لاحقا أشكال الدول والتنظيمات والأحزاب. وهذه الكيانات دخلت في صراعات في ما بينها حول مصالح كل منها أو توسيع مناطق نفوذ بوضع اليد على مقدرات الغير مستخدمة كافة أنواع الأسلحة التي بحوزتها وأفضلها تطورا وفاعلية. والجاسوسية هي إحدى الأسلحة الأكثر نجاحا في اختراق الدولة المعادية وعلى كافة الصعد الأمنية والعسكرية والسياسية والاجتماعية مما يسهل عملية تحقيق انتصار.

ونظرا لأهمية العمالة. تكاد لا تخلو دولة من استخدام هذا النوع من الأسلحة التي راجت وانتشرت في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا في المنطقة العربية مع احتلال العدو الصهيوني لدولة فلسطين وقيام الدولة الإسرائيلية ودخول العرب في مرحلة صراع مع هذا العدو الغاصب الذي استخدم هذا السلاح على نطاق واسع داخل كل دولة عربية وخصوصا الدول المحيطة بالكيان الصهيوني ومنها لبنان. إذ استطاعت إسرائيل ان تجند عملاء لها في الداخل اللبناني وعلى فترات متقطعة ومنهم من عمل لصالحها في السر ومنهم من تعامل معها في العلن.

ومن هؤلاء العملاء العلنيين العميل أنطوان لحد الذي يعتبر أحد أهم عملاء إسرائيل في لبنان. وهو ضابط لبناني تولى قيادة ما أطلق عليه بجيش لبنان الجنوبي عام 1984 بعد وفاة العميل سعد حداد الذي تولى عملية إنشاء هذا الجيش وبدعم وتمويل إسرائيلي ليشكل حاجز حماية للدولة الصهيونية

وبقي لحد حتى أيار العام 2000 عندما تم تحرير الجنوب اللبناني من رجس الإحتلال الإسرائيلي وعملائهم. فهرب مع مجموعة من عسكرييه إلى داخل إسرائيل حيث أقام في تل أبيب وافتتح مطعما هناك فيما شعر بتخلي الدولة الإسرائيلية عنه. وهو لم ينكر ذلك عندما عبر عن شعوره باليأس وقلة الوفاء على حد تعبيره في إحدى المقابلات الصحافية. وبقي إلى أن توفي الخميس الماضي في باريس نتيجة عارض صحي عن عمر يناهز 88 عاما.

وغني عن القول ما مدى الدناءة والحقارة التي تتحكم بسلوكيات العميل وممارسته لدرجة يبلغ به الحال فيصبح على استعداد لأن يخون إي شيء وكائن من كان حتى أقرب المقربين إليه وحتى أولياء نعمته دون وازع من ضمير.

وفي هذا المقام يحضرني قول لهتلر عندما سئل /من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك؟ / قال هم هؤلاء الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم.

على أن الخيانة الوطنية لا تقف عند حدود العمالة لدولة اجنبية بل تتعدى ذلك لتصل إلى حدود اعتبار كل من يزرع الفساد في بلده ويعمل على انتشاره وتعميمه ليطال كافة مرافق الدولة فهو عميل. وكذلك فإن كل من يساهم في تعطيل مؤسسات الدولة وإلغاء دورها لصالح دولة خارجية فهو عميل ويدخل في خانة الخيانة الوطنية.