طالب البرلماني الإيراني علي مطهري السلطة القضائية الإيرانية بتقديم توضيح وشرح ملابسات اعتقال عدد من أعضاء نقابة المعلمين في الأيام التسع الأخيرة.

وقالت وسائل إعلام إيرانية إن موجة من الاعتقالات طالت أعضاء نقابة المعلمين خلال الأیام الأخیرة، تأتي قبل أسبوعين من بداية الموسم الدراسي الجديد في إيران. وأدان مطهري صمت البرلمان، قائلا: «مع بالغ الأسف البرلمان لا يتدخل ولا موقف له في هذه القضايا. إذا كان لدينا برلمان حي لأطلعنا المسؤولون في الوقت المناسب وقدموا توضيحا عن الاعتقالات».

واعتقلت السلطات الأمنية أعضاء نقابة المعلمين محمد رضا نيك نجاد ومهدي بهلولي ومحمود بهشتي لنغرودي المتحدث باسم النقابة، بعد أيام من لقاء وزير التعليم والتربية علي أصغر فاني. كما أن اعتقال المتحدث باسم النقابة جاء بعد يوم من لقائه بالمتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد رضا نوبخت، حيث ناقشا المشاكل التي يعاني منها المعلمون. ووفقا لصحيفة «جاربرس» الإلكترونية فإن محمد رضا نوبخت المتحدث باسم الحكومة الإيرانية اتفق مع المتحدث باسم نقابة المعلمين على لقاءات أسبوعية مع أعضاء نقابة المعلمين.

وبشأن نشاط نقابة المعلمين، قالت المحامية نسرين ستودة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعلمين أسسوا النقابة بهدف الدفاع عن مطالب مدنية بحتة، مثل الرواتب وحذف التمييز في المزايا والرواتب، وهذا حق معترف به بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الأساسي في إيران، لكن بمجرد بداية النشاط تعرضت النقابة لهجوم من مختلف الأطراف، واعتقل أعضاؤها. كذلك السلطات القضائية والحكومية اعتبرت النقابة غير قانونية، رغم أن تأسيس النقابة كان قانونيا، ولذلك تم اعتقالهم ونقلهم إلى السجون، وكل واحد منهم أمضى فترة طويلة في السجن، رسول بداقي منذ خمس سنوات في السجن، وإسماعيل عبدي، وآخرون ما زالوا معتقلين وصدرت بحقهم أحكام بالسجن، ولهذا فإن المجمع الذي تأسس لأهداف مدنية ونقابية وفقا للقانون دخل النزاع السياسي من دون أن يريد ذلك».

وفي إشارة إلى موقف السلطات من منظمات المجتمع المدني، قالت الناشطة الحقوقية الإيرانية إن «هكذا تعامل مع منظمات المجتمع المدني بكل تأكيد سيؤدي إلى أزمة نعجز كلنا عن الخروج منها. فنقابة المعلمين ونقابة العمال ونقابة عمال شركة المواصلات من المؤسسات النقابیة القانونية بموجب القانون الأساسي الإيراني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولم يتبق من حقوق المجتمع إلا الحكم الفردي إذا كان من المقرر أن يمنع نشاط المؤسسات المدنية والنقابية والعمالية. وانطلاقا من ذلك فإن الحكومة مضطرة للسماح بنشاط تلك المؤسسات وفق المقتضيات المدنية والاجتماعية ووفق القانون الذي يعترف بذلك، لذا فمن الأفضل السماح للمؤسسات النقابية بالعمل».

وقبل ذلك بشهرين، اعتقلت السلطات الأمنية رسول بداقي أمين عام النقابة، وإسماعيل عبدي وعلي أكبر باغاني من أعضاء النقابة.

وذكرت صحيفة «روز أونلاين» الإلكترونية قبل أسبوع أن الحرس الثوري يحتجز أعضاء نقابة المعلمين في القسم الخاص به في سجن أفين.

ومن جانبه، ذكر موقع «حقوق معلم وكاركر» المعني بالدفاع عن حقوق المعلمين والعمال، نقلا عن أسرة عبدي أمين عام النقابة، أنه يحاكم في محكمة الحرس الثوري ومحكمة الثورة الإسلامية.

وحول المشاكل التي دفعت المعلمين إلى تنظيم إضرابات، قالت نسرين ستودة: «منذ سنوات طويلة يواجهون أوضاعا معيشية صعبة. أغلبهم يحرمون لشهور وسنوات من الرواتب الضعيفة التي يتسلمونها، والبعض الآخر يمارس مهنة التدريس براتب قليل. طبعا بهذا الارتباك الذهنی على المعلم الحضور فی المدرسة وتدريس الطلبة. لذا فإن الأوضاع المعيشية أهم مشكلة تواجه المعلمين، فهم يحتجون على أوضاع تفتقر للمساواة في دفع الراتب مقارنة بالوظائف الأخرى، وحتى بين المعلمين تتم ممارسة ذلك التمييز، فهم لا يتسلمون رواتب متساوية مقابل عمل واحد».

وأضافت المحامية وناشطة حقوق الإنسان: «مجموع تلك الاحتجاجات بين المعلمين أدى في السنوات الأخيرة إلى وقفات احتجاجية متعددة أمام البرلمان ووزارة التعليم والتربية والأجهزة الأخرى المعنية بهذا الأمر، لكن كل مرة يعودون من دون رد، ومع الأسف وفق طريقة سائدة بعد نهاية كل اعتصام يتعرض المشاركون للاعتقال، وتبعا لذلك عدد كبير منهم يقضون أحكاما في السجن، وهذه ظروف غير مقبولة في التعامل مع الطبقة المتعلمة. من المؤكد المعلم الذي يعاني من أوضاع معيشية صعبة ولا يملك ثمن دواء وعلاج أطفاله لا يمكنه أن يمارس مهنته بارتياح وراحة بال. المعلم الذي لا يتمتع بهدوء وسكينة سيؤثر بكل تأكيد بشكل سلبي على نفسية ومعنويات الطلبة ويحرمون من التعليم الصحيح».

وتوجه منظمات المجتمع المدني في إيران أصابع الاتهام في تراجع مستوى التعليم إلى ضعف وزارة التعليم والتربية والأوضاع المادية التي تعاني منها الوزارة مقارنة مع ميزانية الوزارات الأخرى. كما ذكرت المصادر الإعلامية أن التهم الموجهة إلى المعتقلين هي «الدعاية ضد النظام» و«التآمر على زعزعة أمن البلد» و«التحريض على تنظيم إضرابات المعلمين» في العام الدراسي الماضي الذي شهد عددا كبيرا من الإضرابات في صفوف المعلمين احتجاجا على «التمييز الحكومي» وضعف الرواتب والأوضاع المعيشية المزرية التي يعاني منها المعلم الإيراني.

يذكر أن القوات الأمنية منعت في 22 يوليو (تموز) الماضي وقفة احتجاجية صامتة أمام البرلمان الإيراني، واعتقلت 60 معلما وفقا لوكالة أنباء حقوق الإنسان «هرانا». كما تفيد التقارير بأن السلطات الإيرانية عاقبت المعلمين المحتجين على أوضاعهم المعيشية بالطرد والنفي والسجن.

في هذا السياق، أفادت وكالة «فارس»، نقلا عن مصطفى ناصري زنجاني المساعد الحقوقي والبرلماني في وزارة التعليم والتربية، أن 1000 معلم يمكثون في السجون الإيرانية أكثرهم لأسباب اقتصادية بحسب منظمة السجون الإيرانية.

على صعيد آخر، حمّل علي مطهري أعضاء البرلمان مسؤولية الدفاع عن المعلمين المعتقلين، مؤكدا أن مطالب «المعتقلين مطالب نقابية». وشدد على أنه «يجب على السلطة القضائية أن تقدم توضيحا عن دوافع الاعتقال».

مطهري، عضو اللجنة الثقافية في البرلمان، أضاف أن «اعتقال السلطة القضائية عددا من الأشخاص من دون أن تقدم توضيحا للشعب أمر غير مقبول. يجب على الناس أن يطلعوا على مجرى الأمور، وألا يكتشفوا ذلك عبر وسائل إعلام أجنبية».

وأظهرت حملة الاعتقالات قبل الموسم الدراسي أن حكومة «الاعتدال» بقيادة الرئيس حسن روحاني تتجه إلى السير على خطى خمس حكومات سابقة في تهميش مطالب أهم شرائح المجتمع الإيراني.

 

 

(الشرق الأوسط)