لم يكن غضب زعيم الطائفة الدرزية النائب وليد جنبلاط من وزير الخارجية الأميركية جون كيري في مكانه، فالحسابات الدولية والسياسية مجرد لعبة تتغير أساليبها حسب المصالح، فبعد أن اطمأن جنبلاط للدعم العربي والأوروبي لمواقفه، جاءت صدمة المواقف الجديدة بدءا من اميركا التي بررت موقفها عبر القول أتها مضطرة للتفاوض مع الأسد، ,وصولا إلى روسيا الداعمة منذ البداية لبقاء الأسد وصولا إلى المواقف الأوروبية الجديدة والتطور اللافت في العلاقات السعودية الايرانية .

فجنبلاط، منذ بداية الأزمة السياسي إتخذ موقف المعارض للرئيس السوري بشار الأسد وأعرب عن تضامنه مع الشعب السوري، لكن بعد ان تفاقمت الأوضاع في سوريا وبدا أن الأسد لا يزال متمسكا بالرئاسة دون كلل في ظل الدعم الإيراني العسكري والدعم اليوناني عبر فتح المجال الجوي للطائرات الروسية. هذا الدعم الإيراني مصحوبا بدعم روسي عبر عنه الرئيس الروسي بوتين بالإضافة إلى وزير خارجيته لافروف في أكثر من تصريح، جعل المجتمع الدولي يعيد حساباته في الموقف الجماعي المعارض للأسد.

وقد عبر حلف الناتو وواشنطن عن خوفهما من التدخل العسكري في روسيا واعلن عن هذا الموقف بعد مزاعم وإشاعات بأن روسيا تشارك عسكريا في دمشق، الأمر الذي دفع بها إلى نفي هذه المزاعم والتأكيد انها تدعم دمشق في حربها ضد "داعش". والملفت أيضا أن الامير طلال بن عبد العزيز الأخ غير الشقيق للعاهل السعودي الملك سلمان، كان قد طرح حلا للأزمة السورية مختلفا عن وجهة نظر بلاده ويتلخص الحل يأن يكون الأسد جزءا من الحل.

والجدير بالتطرق إليه هنا اللقاء المنتظر الذي سيجمع وزير الخارجية ظريف ووزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 17 أيلول في الأمم المتحدة لدراسة الوضع السوري كفيل بطرح تساؤل حول حل قريب للأزمة في سوريا. وانطلاقا من هنا، يبدو أن هناك تسوية أوروبية وخليجية لإنهاء الأزمة بعد أن فشل الحل العسكري في إنهائها وعلى ما يبدو أن المعلومات التي تتحدث عن طلب أوروبي من جنبلاط بتخفيف الحدة وربما تغيير رأيه من الأسد ربما هي بداية لتعبيد الطريق أمام الحل السوري. وفي هذا السياق يذكر أن جنبلاط بعد أن وجه انتقادات إلى الأسد وإلى حزب الله باعتبار أنه شريك في النظام الفاسد فإنه قد تكلم باعتدال في عزاء الشيخ وحيد البلعوس معلنا أنه" نظم الخلاف مع حزب الله بشأن الأزمة السورية فهم في موقف ونحن في موقف".

ختاما، يبدو ان جنبلاط بدا شيئا فشيئا بالخضوع للإرادة الأوروبية المرتبطة نوعا بالتسويات التي يجري تسويقها دوليا فيما خص الأزمة السورية وربما يعيد جنبلاط حساباته بعد سيما اذا كان سيصبح خارج اللعبة السياسية وبأنه سيخسر رهانه ويعود عن موقفه وربما سيقول نعم للأسد كونه جزءا من الحل ولو بشكل مؤقت.