هل نحن أمام ربيع لبناني مشابه لربيع الثورات العربية ؟ سؤال يبدو أنه ملح بعد أن نجح المتظاهرون أمس في تأكيد حضورهم بفعالية منظمة رغم عوائق كثيرة كان قد وضعها الكثيرون من أحزاب الطبقة السياسية لافراغ الحراك الوطني من محتواه وتضليل طريقه من خلال فرز عناصر مخربة لهزّ الأمن الاجتماعي عبر ممارسات سيئة ومسيئة للمعترضين على نظام الزبالة وأربابه .

ربما تأخر اللبنانيون عن ملاقاة اخوانهم العرب في طريق الثورة على فساد السلطويات العربية واكتفوا بابداء حماسى طبيعي مع جيل الثورات العربية وربما هالهم ما شاهدوه من لحظة لم تكن متوقعة في التاريخ العربي الحديث بعد أن استطاع عسكر النظام العربي من تأديب الشعب ومنعه من الاعتراض حتى على أمراضه وربما لم تكن الظروف اللبنانية مؤاتية بعد للخروج عن الطائفية باعتبارها أزمة الأزمات اللبنانية لاعتبارات كثيرة ونتيجة لتأثيرات الطائفية الحزبية على بيئهتا ومنعها من أيّ مساهمة خارجة عن حساباتها لهذا بقيّ اللبنانيون أسارى أحزاب الطوائف المانعة لأيّ نهضة وطنية حتى ولو كانت احتجاجية ولا علاقة لها بالحسابات السياسية المباشرة .

بين المنع الطائفي والضغط المعيشي كانت اللحظة المناسبة قد دنت واستفاق اللبنانيون على ربيع يشبههم ويُذكرهم بتاريخهم الوطني أبّان السبعينيّات من القرن الماضي عندما كان المدّ الوطني يصحو من ربيع الأفكار التحررية وكانت الخطوات تلو الخطوات والتي استطاعت أن تجرّ السياسيين الى طاولة حوار لمناقشة خيبات أملهم وفسادهم المستشري في كل شيء من الدولة الى المجتمع .

أمس كانت التظاهرة حرجة ومحرجة للطبقة السياسية لأنها ولّدت ظاهرة جديدة وبحسابات سياسية مختلفة من شأنها أن تؤسس للربيع لبناني نهضوي يتحمل مسؤولية ادراة المعركة سلمياً مع نظام الطبقة السياسية ويتيح الفرص الممكنة لطيّ صفحة سكوت من التاريخ الوطني الحديث أخضعت العباد والبلاد لجلادين لا يرحمون من جماعات الحزبية الطائفية المريضة والبغيضة والتي لا تُقدم الاّ على ما يُفعّل عنصر الكراهية في المجتمع اللبناني ويُخرب ما تبقى من مرتكزات الأمن الاجتماعي .

ننظر اليه على أنه ربيع لبناني وبزهور لبنانية خاصة كوننا لا نملك خيارات أخرى سوى التطلع الى الحراك الوطني كمنقذ جدّي مما نحن فيه من وهن ووهم وموت يسرق حياتنا التي لم نشعر بها لأن النظام باعها للزعيم منذ أن ولدت وباتت مسؤوليتنا استرجاع أرواحنا من شياطين السياسيين الطائفيين اللبنانيين ومن معهم من أبالسة متنكرين بأثواب الدين والقداسة .