الجميع بات يترقّب المطر. مزارعون ينتظرونه لغسل الغبار المتراكم على مزروعاتهم، وخبراء يتمنّون تأخيره الى حين إزالة النفايات المتكدّسة منذ أسابيع، إنقاذاً لصحة المواطنين المهددة من تسرّب المياه الملوّثة ومن انتشار الجراثيم والأمراض.

  وبحسب مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، هناك احتمال لهطول أمطار رعدية يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، الأمر الذي دفع المصلحة الى التوجه الى المراجع المعنية لمطالبتها بضرورة الإسراع بتنظيف الأنهر والسواقي ومجاري المياه، وخاصة نهر الليطاني ونهر الغدير وذلك "قبل بداية موسم الأمطار"، مشيرة الى أن هطول الأمطار رسمياً هذا العام يبدأ من 15 و16 من الشهر الجاري. مشهد تكدّس النفايات على نهر بيروت لا يزال في أذهان الكثير من اللبنانيين الذين لم يعد خافياً عليهم خطر المطر الآتي.

منذ فترة، أكّد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور أن "المياه لا تولّد كوليرا"، في محاولة لطمأنة اللبنانيين وامتصاص الـ"التهويل" الذي كان حاصلاً. إلا أن ذلك لا يلغي وجود خطر انتشار أمراض وأوبئة أخرى.   رئيسة دائرة مكافحة الأمراض الانتقالية في وزارة الصحة عاتكة برّيان كانت قد لفتت في حديث إلى "الأخبار" الى أن خطر تساقط الأمطار على النفايات يكمن في احتمال تسرّب رواسب النفايات الى التربة، وبالتالي الى المياه الجوفية، وهو ما يرتب تداعيات خطيرة ليست بالضرورة أن تكون على المدى القريب، بل على المدى البعيد "كأن يرتفع عدد الإصابات بمرض السرطان وغيره".

فيما يقول اختصاصي أمراض وبائية، إن الخطر لا يتوقف على "الكوليرا"، "آلاف الجراثيم قد تتأتى عن عمليات التفاعل بين المياه وهذه النفايات، من ضمنها السالمونيلا، فضلاً عن خطر تراكم الجرذان، وبالتالي خطر انتشار مرض الطاعون"، لافتاً الى "أن الوضع يصبح كارثياً أكثر إذا تساقطت الأمطار".

  لكن المطر يبقى الأمل الذي يعوّل عليه المزارعون في ظل هذه العاصفة، يقول رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك إن المزارعين يعوّلون على تساقط الأمطار لغسل الغبار المتراكم على الأوراق والثمار، ذلك أن "الضرر متعلّق بمدى استمرارية الطقس".

ويشير الحويك الى أن غالبية المزارعين لا يملكون القدرة الفعلية لغسيل مزروعاتهم، في ظل أزمة المياه التي يشهدها البلد، فيما يقول رئيس نقابة الفلاحين ابراهيم ترشيشي إن الضرر يلحق بالدرجة الأولى بالأشجار المثمرة في هذا الموسم كالعنب والدراق والخوخ وبعض الخضر كالخس واللوبيا والخيار والبندورة والكوسى والباذنجان، لافتاً الى أنها "المرة الأولى التي نشهد فيها هذا الطقس في حياتنا الزراعية".  

وتوجهت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ببعض النصائح والإرشادات الى المزارعين كالإكثار من كميات الري صباحاً ومساء وتهوئة المزارع وزيادة مياه الشرب للدواجن وزيادة البيوت البلاستيكية، لافتةً الى الخطر المحدق بالدواجن.

وبحسب المصلحة، من المتوقع أن تستمر موجة الحر اليوم وغداً، على أن تخف حدّتها السبت وتنحسر كلياً الخميس المقبل، مع احتمال هطول أمطار رعدية الاثنين والثلاثاء والأربعاء.