منذ أن بدأ الحراك الشبابي – الشعبي سواء بسبب أزمة النفايات أو من أجل تطوير النظام السياسي اللبناني، اعلنا دعمنا لهذا الحراك لأنّه ينطلق من أجل مصالح الناس وهمومهم بغض النظر عن الجهات التي أطلقت الحراك أو الجهات التي شاركت فيه ودعمته .

وقد نجح هذا الحراك في تحريك الحياة السياسية اللبنانية وأوجد حالة سياسية شعبية جديدة بعيداً عن الإنقسام التقليدي بين 8 و14 آذار، واضطر الرئيس نبيه بري للإستعجال للدعوة إلى طاولة الحوار في التاسع من أيلول من أجل بحث كافة الملفات الأساسية ومنها الإنتخابات الرئاسية ووضع قانون جديد للإنتخابات وكيفية تفعيل عمل المجلس النيابي والحكومة وملف اللامركزية الإدارية .

وقد وافقت معظم الكتل النيابية على المشاركة في الحوار بإستثناء القوات اللبنانية ، لكن المسؤولين عن الحراك الشعبي حرصوا على اختيار موعد  التاسع من أيلول موعداً لحراكهم الجديد اعتراضاً على الحوار وضد ما يقوم به رئيس المجلس النيابي بحجة عدم شرعية المجلس ولأنّ هذا الحوار يهدف لإمتصاص النقمة الشعبية ويجدد النظام السياسي القائم .

ومع أنّه من حق الهيئات والقوى الشعبية والسياسية الإعتراض على أيّ تحرك سياسي والدعوة للتغيير الشامل للنظام السياسي القائم ، فإنّه من حقنا التساؤل : لماذا الإعتراض على الدعوة للحوار إذا كانت هذه الدعوة تهدف للبحث عن حل شامل للأزمة اللبنانية ؟ وما هو الخيار البديل عن الحوار؟ وهل بالإمكان معالجة الأزمة اللبنانية بدون حصول حوار شامل بين كل الأطراف اللبنانية .

قد يكون صحيحاً أنّ هذا الحوار لا يضم جميع الأطراف والقوى السياسية والحزبية والهيئات الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني ، كما أنّ التمديد للمجلس النيابي الحالي قد أضعف التمثيل الحقيقي للمجلس الحالي ، لكن بالمقابل ماهي الخيارات الأخرى المطروحة كبديل عن الحوار .

فإذا كان المطلوب إجراء انتخابات نيابية وفق قانون جديد للإنتخابات فهذا يتطلب حواراً حقيقياً للوصول إلى نتيجة عملية ، وإذا كان المطلوب انتخاب رئيس جديد فإنّه لا يمكن تحقيق ذلك بدون حوار بسبب الأزمة القائمة، وإذا كان المطلوب تغيير النظام السياسي فهذا يتطلب حواراً بين كافة القوى والهيئات السياسية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني .

ومع أنّ الكثيرين يشككون بجدوى الحوار الذي سيجري في التاسع من أيلول وإمكانية تحقيقه نتائج عملية، فإنّ مسؤوليتنا اعطاء الحوار والمتحاورين الفرصة وعلينا انتظار النتائج ، وإن كنّا لا نمانع الإستمرار في الحراك الشبابي – الشعبي وتفعيله لكن المهم أن نصل إلى نتائج عملية وحلول جذرية وأن لا يصبح هذا الحراك هدفاً بحد ذاته.