يعتقدون أنها حالة عادية لا تثير القلق او الخوف. البعض يعتبرها موضوعاً مثيراً للضحك ومحفّزاً لتبادل الاخبار المرحة الباعثة للتشويق. لبنانياً يسمونها "الروبصة" أو السرنمة أي المشي أثناء النوم. قد لا يثير الموضوع إحساساً بالخطر للوهلة الاولى. الاّ ان ابعاد هذه الحالة قد تصل الى حدود الجريمة. صراع الوعي واللاوعي يدخل في السيناريو. الشخص ليس واعياً لكنه واعٍ. كيف يجتمع التناقض في حركة؟ الريبة تحكم تصرفاتٍ كهذه. اين تكمن الحقيقة في ظل هذه الضوضاء؟

 

 

كأن في العقل خبايا

قصص كثيرة تتراود الى الاذهان عندما نتكلم عن "الروبصة". هذا ما يمكن ان يدلّ على كثرة حالاتٍ مماثلة كهذه. الا ان لبعضها وقعاً يتخطى حدود المعقول. حكاية كريم إحداها. الصبي المجتهد في مدرسته، ابن الحادية عشرة عاماً نام في سريره دافئاً واستفاق صباحاً على الرصيف في حيٍّ مزدحم بالسيارات والمارة وامام باب مقبرة.

يروي نبيل، والد الفتى ما حصل مع ابنه ليلة الحادثة: "لجأ الى النوم كعادته، بعدما انهى واجباته المدرسية. يقول: "استفقنا صباحاً ولم نجده واذا به عائداً بعد ساعات مبلل الملابس، ليخبرنا انه استيقظ امام باب مقبرة في المقلب الثاني من مكان سكننا في بيروت. لم يعلم ما حصل معه وكيف استفاق ومشى الى هناك، وسأل اذا ما كان احدٌ خطفه ورماه امام باب المدفن". ويلفت الى "انه كان يستيقظ احياناً في الليل ويمشي في الغرفة مدة معينة، الا اننا لم نكن نتوقع ان يفتح باب المنزل ويسير كل هذه المسافة ليصل الى هناك. منذ ذلك اليوم حرصنا على اقفال الابواب والنوافذ خوفاً من تكرار ما حصل، خصوصاً ان تلك الليلة المشؤومة لا زالت ترمي بثقلها عليه وتشعره بالاحباط، حتى انه يرفض المرور امام اماكن معينة او رؤية مشاهد عنفية ومخيفة على التلفاز". وفيما يخص امكانية عرض حال ابنه على الطبيب يعتبر: "انني لم اجد الضرورة في ذلك لان هذه الحالات معروفة انها اعتيادية وليست بخطيرة والاهم هو اتخاذ الحيطة واقفال الابواب. والجدير ذكره ان ظاهرة الروبصة لديه قلّت مع الوقت واعتقد انها في طريقها الى الزوال".

رغم ارتياح الاب الى وضع ابنه، واطمئنانه ان ما حصل لن يتكرّر من جديد، الا ان للطب حديثاً آخر.