بعد النجاح الكبير الذي حققه الحراك الشبابي – الشعبي الإحتجاجي في لبنان في الأسابيع الماضية، بدأت تنتشر معلومات وتقارير عن بروز خلافات بين أعضاء الحملات الشبابية التي أطلقت هذا الحراك ممّا قد يؤدي إلى توقفه أو تعرضه للفشل وهذا يخدم السلطات الفاسدة واستمرار هذا النظام الطائفي البغيض .

لقد حقق الشباب اللبناني في الأسابيع الماضية نجاحاً كبيراً من خلال الحملة التي أطلقوها بداية تحت عنوان " طلعت ريحتكم" ومن ثم تحت عناوين مختلفة ، ومع أنّ هذه الحملات بدأت تحت عنوان معالجة مشكلة النفايات ، فإنّها تطورت للتعبير عن الإعتراض على كل النظام اللبناني الطائفي والفاسد، ولقد تجاوب اللبنانيون بشكل كبير مع هذه الحملات وخصوصاً من خلال التظاهرات الضخمة في 22 و23 و29 آب .

كما شكلت السيطرة على وزارة البيئة يوم الثلاثاء تطوراً مهماً في هذا الحراك رغم بروز الكثير من الإعتراضات والإشكالات عليه إن من قبل بعض الناشطين أوالمشاركين في الحملات الشعبية .

لكن لم تعد المشكلة في كيفية الإستمرار بالحراك وما سيحققه مستقبلاً ، لأنّ هذا الحراك حقق حتى الآن الكثير من الإنجازات المهمة ومنها تحريك الحياة السياسية في لبنان وإعادة الأمل في إمكانية تشكيل حالة شعبية وسياسية من خارج الإنقسامات الطائفية والمذهبية التقليدية، كما أكد هذا الحراك أنّ الرأي العام اللبناني مستعد للتحرك والنزول الى الشارع عندما تتوفر القيادة السياسية الفاعلة وعندما تكون هناك قضايا محقة .

كما أثبت هذا الحراك الإحتجاجي أنّ الشباب اللبناني يمتلك قدرة كبيرة في التأثير على الرأي العام وأنّ مواقع التواصل الإجتماعي وبالشراكة مع وسائل الاعلام التقليدية تستطيع القيام بحملات إعلامية فاعلة ومؤثرة وكذلك إخراج الناس من الإنقسامات التقليدية والحزبية وإعادة الحيوية للحياة السياسية والحزبية والإجتماعية.

ولقد أدّى هذا الحراك إلى إرباك القوى السياسية والحزبية وإخافتها بسبب خروج الناس عن سيطرتها ،كما فرض على السلطة إعادة النظر بأدائها الأمني والسياسي والإعلامي ، ورغم كل الحملات التي تعرض لها الناشطون الذين أطلقوا الحراك وكل المحاولات لإفشاله وقمعه ، فإنّه استمر وتواصل وكان له تأثير كبير في الواقع السياسي اللبناني.

والمشكلة الآن لم تعد بالحملات التي يتعرض لها الحراك والناشطون الذين أطلقوه إن من السلطة أو القوى السياسية والحزبية والدينية، بل أصبحت المشكلة في داخل الحراك وبين أعضائه بسبب الخلافات في وجهات النظر وكيفية استكمال النضال .

ولذا نوجه النداء لهؤلاء الشباب : حافظوا على هذا الحراك واستمروا به بكل الوسائل وحافظوا على وحدتكم وتعاونوا فيما بينكم حتى مع وجود خلافات في وجهات النظر، لكن على الأقل ابقوا لنا الأمل بأنّ في هذا البلد لا يزال هناك امكانية للتغيير ولو بعد حين والله يحفظكم من كل سوء.

وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.