سبحان مقلب القلوب !

إذ يحوّل الأعداء إلى الخصوم ، ليحوّلهم في نهاية المطاف إلى أصدقاء ، ويبدو أن ما يجري بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية هو شيء من هذا القبيل ، إذ بعد مرور شهر ونصف على إتفاق فيينا النووي بادرت إيران بمسح شعارات الموت لأمريكا من شوارع طهران ، بل من جدران مبنى السفارة الأمريكية وسط  طهران .

تلك الشعارات كانت مذيلة بتاريخ 2015 في محاولة استفزاز لحكومة الرئيس روحاني من قبل المتشددين وعرقلة لمسار المفاوضات بين طهران وواشنطن ، التي يبدو أنها لم تنته بنهاية المفاوضات النووية ، بل سوف تستمر في مختلف الملفات .

هذا ويشكل موضوع استمرار رفع الهتاف بشعار الموت لأمريكا في إيران ، أحد محاور اعتراض الجمهوريين على الإتفاق النووي، بالرغم من أنّ إدارة أوباما اعتبر أن العبرة بالفعل وليس بالقول، وأنّ الدبلوماسية هي ما تجري على طاولة المفاوضات ، وليس ما يجري في الشوارع.

ولكن لم تبقَ الشوارع في إيران وحتى مساجدها بعيدة عن الدبلوماسية الروحانية ، التي سوف تحاول تحويل المساجد إلى ما كانت عليه من أداء دروها العبادي، ولا السياسي، وسوف تحوّل الشوارع إلى معرض للسلام مع العالم وليس العداء والحقد والكراهية .

وعبّر القيادي في قوات التعبئة الباسيج التابعة للحرس الثوري العقيد برات زاده عن استيائه من إلغاء شعار الموت لأمريكا والموت لإسرائيل بعد صلوات الجماعة في مساجد إيران، وإلغاء هذين الشعارين من داخل المساجد، معتبراً أنّ التخلي عن الهتاف بشعار «الموت لأمريكا» و«الموت لإسرائيل» مؤلماً جداً، وشدد على أن المساجد ليست فقط مكاناً لأداء الفريضة الإلهية، بل هي المحور الرئيسي للدفاع عن الثورة الإسلامية .

ومن جهته كشف الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام ، لمحة أخرى من ذكرياته المثيرة للجدل مع الإمام الخميني حيث ادعى أنّ الإمام الخميني وافق على إزالة شعار الموت لأمريكا في آخر حياته .

ولكن الشيخ رفسنجاني لم يوضح سبب عدم تنفيذ تلك الوصية قرابة ثلاثة عقود من الزمن، وتأجيله إلى ما بعد الإتفاق النووي.

وعلى أيّ حال ، أن تصل متأخراً أفضل من أن لن تصل أبداً، فإن رفع اليد عن شعار الموت والكراهية وانتهاج الدبلوماسية، خطوة صحيحة وتصحيحية للنظام الإيراني، وأولى ثمرات التوافق النووي.