نجحت حملة "طلعت ريحتهم " في جمع لبنانيين غير طائفيين منتظرين للحظة مناسبة كيّ يقولوا كلمتهم المخنوقة منذ زمن في صدورهم نتيجة إرهاب الأحزاب الطائفية عليهم وقبضهم بقوّة على أفواه أناس وطنيين غير مذهبيين .

لقد اجتمع الأعداء من فريقيّ 8 و 14 آذار على محاربة المحتشدين والمعتصمين في وسط بيروت ، وهذه الخطوة تدل بشكل واضح على أن الطبقة السياسية في لبنان جبهة واحدة بوجه المنادين بالإصلاح والتغيير في بؤر الفسادين السياسي والمالي .

 

حشد المستقبل تيّاره في الحكومة لمواجهة المعترضين على أسوأ ما أفسدته المحاصصة الطائفية بطريقة عُنفية وقهرية لم تقم بها الاّ الأنظمة المستبدة وقد عاب نوّاب المستقبل على سوريا استبدادها فإذا بهم يستبدون ببشاعة نظيرة لبشاعة المخابرات السورية أثناء سطوتهم وسيطرتهم على لبنان .

حُمّلت حركة أمل مسؤولية الإساءة للإعتراض الشعبي من خلال الإعتراض السيء والسلبي والذي قام به أفراد قادمون من مناطق شيعية وقد وشموا أجسادهم بسيف الإمام علي وبشعارات حسينية لتأكيد هويتهم الطائفية وكانت مشاركتهم بالإعتصام مختصرة على الخلع والتكسير للأملاك العامة والخاصة .

كما أنّ هناك من حمل حزب الله مسؤولية التخريب في وسط بيروت من خلال إيعازه لسراياه في جرّ الأجهزة الأمنية إلى حرب مع المتظاهرين لتوريطها في جريمة قتل متظاهرين سلميين .

رغم توحد الفريقين في جبهة واحدة لخنق الصوت الوطني يعمل كل منهما على الإستفادة من المشهد الشعبي بتوظيفه سياسيّاً لصالح مصالحه الطائفية ويبدو أنّ توريط جهات في الحراك الشعبي مفاده استنهاض الغريزة الطائفية كيّ تكون يقظة للدفاع عن الحكومة السنية كما عبر نائب عن الطائفة السُنيّة .

من جهته غسل حزب الله يديه من أزمة أراحته لأن أزمة النفايات قد خبأت أوساخ سياسية لطالما اختلف عليها آباء الطوائف في 8 و 14 آذار وهو ينظر إلى دعوة التغيير في بنية النظام بحذر شديد كونها تؤسس لظاهرة جديدة في بلد إذا ما نجحت فيه وتحولت الى كتلة شعبية وازنة في المعارضة الوطنية يصبح بإستطاعتها التأثير على الكتل الطائفية من جهة وعلى الأدوار المذهبية من جهة أخرى من حيث السيطرة والإطباق على الواقع اللبناني بكامله .

من هنا ثمّة رهان على أن تتسع مظاهرة السبت لكل المعترضين لا على أزمة النفايات وغيرها من ملفات المحاصصة السياسية بين زعماء الطبقة السياسية بل على النظام الطائفي نفسه والذي أتاح لنمو شبكات سياسية مسلحة بالسلطة من جهة وبالطوائف من جهة ثانية وهي تملك مقومات الدولة التي أسرّوها بضاعة لها .

يوم السبت موعد مع المواطنية لا مع الطائفية فهل تكون الصرخة بحجم المعترضين على أصحاب النفايات؟ أم أنها ستكون بحجم التعبير عن ضعف الوقوف بوجه حيتان الطوائف ؟ وفي كلا السؤالين ستبقى الإجابة منحازة لصالح الذين آمنو بوطنهم فازدادوا صلابة في وجه الإسمنت السياسي والطائفي والميليشيات المذهبية الموكل إليها حماية نظام لم يعد قادر على الاستمرار ومهما وفروا له من حراسة مشددة .