أصبح لبنان حديث الساعة ونجم المقالات وموضوع التقارير في الصحافة العالمية، لكن للأسف ليس تقديراً لأرزه الشامخ أو لثقافته الغنية أو لمهرجاناته الصيفية، بل نقلاً لكارثة النفايات البيئية والاحتجاجات الشعبية والمواجهات مع القوى الأمنية وللكباش الدائر في الحكومة، حتى أصبح الأمر "جرصة" عالمية للبنان، الذي لا يزال ضحية محاصصة المسؤولين فيه.

 

فالـBBCالبريطانية نشرت في موقعها الإلكتروني تقريراً يختصر الوضع المحلي، وأشارت إلى أن حملة "طلعت ريحتكم" جمعت أكثر من 160 ألف تغريدة، قبل لجوء الشعب اللبناني إلى التظاهر مُتّهماً السياسيين بالفساد. وتطرّقت للمواجهات التي حصلت وللتجمع الذي حصل يوم الإثنين 24 آب الجاري بعدما أصيب محتجّون ورجال أمن، لافتةً إلى استمرار الحملة المُعارِضة لسياسات الحكومة باحتجاجاتها، وإلى "نصيحة" السوريين للشعب اللبناني قائلين من جهة إن رائحة النفايات أفضل من رائحة الدم والخراب والقتل، ومن جهة أخرى إن عليهم البدء بالتفتيش عن مهرّبين للتوجه إلى أوروبا، لكن ليس إلى ألمانيا لأنها اكتظّت بالمهاجرين.

 

أما صحيفة "الدايلي مايل" البريطانية، فنشرت في عنوانٍ فاضح أن حشداً من الناس تعرّض لصحافية ومزّق ثيابها خلال نقلٍ تلفزيوني مباشر للاحتجاجات ضد الحكومة في لبنان، ذاكرةً أن مراسِلة المؤسسة اللبنانية للإرسال كانت مُحاطة بجمهورٍ فوضوي وبدأت بالصراخ والارتعاد بعدما تعرّضت للهجوم. وجاء في الصحيفة أيضاً أن الشرطة أطلقت حينها غازاً مسيّلاً للدموع واستعملت خراطيم المياه لليوم الثاني على التوالي، فأصيب 240 شخصاً على الأقل و30 رجل أمن جرّاء أعمال شغب ضد الحكومة.

 

قناة CNNالتلفزيونية، من ناحيتها، سلّطت الضوء على الاحتجاجات اللبنانية عبر برنامج Connect the World، عارضةً نظرةً قاتمة للوضع المحلي عبر التطرق إلى الطائفية السياسية وعدم انعقاد البرلمان اللبناني وغياب رئيسٍ للجمهورية منذ أكثر من سنة. ونقلت آراء اللبنانيين المحتجّين، فقال أحدهم عبر الـ CNN"إننا هنا ضد طائفية الحكومة اللبنانية وضد برلمان السارقين من جيوب المواطنين، فأصبحنا مجبرين كشباب على الهجرة. نحن هنا لنحتجّ على قلة توافر فرص العمل وعلى الفقر والجوع"، وأضاف مواطنٌ آخر إننا "أتينا من جنوب لبنان لنوصِل صوتنا ونقول إن الكيل قد طفح، ولكن يمكنكم أن تروا كيف تُعاملنا القوى الأمنية، على الرّغم من أن احتجاجاتنا سلمية نسعى من خلالها للمطالبة بحقوقنا، ليس أكثر".

 

ولم تتجاهل "الهافينغتون بوست" الإلكترونية الأوضاع اللبنانية، فعنونت أن المماطلة الحكومية في لبنان لم تعُد محمولة. وذكرت في تقريرها أن لبنان "يتيم" من دون رئيس منذ أكثر من 460 يوم، ويتحمّل عبء ما يقارب المليوني لاجئ، هذا عدا عن نوابه الذين تجاهلوا الشعب ومدّدوا لأنفسهم حتى عام 2017. ودخلت في التفاصيل لافتةً إلى التمديد أيضاً لقائد الجيش، وإلى المواجهات التي حصلت بين الجيش والقوى الأمنية من جهة والمحتجّين من جهة أخرى. لكنها ذكرت، من ناحية أخرى، أن اللبنانيين يعشقون التجادل، متسائلةً إن كانت هذه الاحتجاجات ستُثمر ثماراً تعود خيراً على الشعب، وتقلب أسلوب الحُكم في لبنان.

 

وانضمّت صحيفة "لو موند" الفرنسية إلى سِرب نقل المشهد اللبناني، محلّقةً إلى جانب زميلاتها من وسائل الإعلام العالمية، وعنونت تقريرها بأن أزمة النفايات في لبنان بلورت إنهاك اللبنانيين من طريقة الحُكم. وفي تعابير مرّة، سخرت الصحيفة من يوميات اللبنانيين، ونشرت أن بيروت تتزين بأكسسوارات مقيتة، وهي أكياس نفايات ومماسح ومواد مطاطية، مضيفةً أيضاً أن الاحتجاجات لا تطال فقط مسألة معالجة أزمة النفايات، بل تدعو إلى انتخابات برلمانية ديمقراطية، في معارضة واضحة للتمديد الثاني للنواب الذي حصل في تشرين الثاني الماضي.

 

وتوحّدت التعليقات من الجمهور الغربي، فعمّ التعجب من تحمّل اللبنانيين هكذا أوضاع بيئية سيئة وحالة سياسية حكومية عرجاء، فيما لجأ بعضهم إلى السخرية من الدعاية اللبنانية بأن بيروت هي أجمل مدن الشرق الأوسط. هذا وتستمر التقارير في مختلف الوسائل الإعلامية والتغريدات في موقع "تويتر"، على أمل أن يتغير المشهد إيجابياً في المستقبل القريب .