على رغم كبر الأزمة التي فجرّها ملف النفايات المتكدّسة في الشوارع والطرقات، والتي انعكست مظاهرات في الشارع، حوّرت من كونها سلميّة هدفها إيجاد حلّ للمشكلة إلى المطالبة بإسقاط النظام بطريقة فوضويّة ومريبة، عاد اللبناني إلى قاعدته سالماً، والمقصود بقاعدته هي  مواقع التواصل الإجتماعي حيث أطلق العنان للتعبير عن رأيه بطريقة ساخرة أحياناً ووجدانيّة أحيانًا أخرى.

 

بالنسبة للبعض ملّت ساحة "رياض الصلح" من المتظاهرين، وتحديداً من أولئك الذين أشاعوا الخراب والفوضى، وأُطلق عليهم صفة "المندسّين"، لا المواطنين المقهورين الذين نزلوا لرفع الصوت عالياً في وجه تحالف المال والسياسة الذي أغرق البلد في الفساد منذ التسعينات.

 

لم ترحم التعليقات عناصر القوى الأمنية التي نفّذت أوامر ضبط المتظاهرين الذين حاولوا اقتحام المقرّات الرسميّة في كلّ مرّة نزلوا فيها إلى الشارع، فيظهر أحدهم يرفع عصا مكافحة الشغب في وجه المتظاهرين ظناً منه أنها سلاح حيّ، وتبدو في صورة أخرى القوى الأمنيّة وهي تتناول الديليفري من أحد الشباب.

 

 

وزير الداخليّة والبلديات نهاد المشنوق نال نصيبه أيضاً، خصوصاً بعد التصريح الذي أطلقه بعد القمع الذي تعرّضت له المظاهرة يوم السبت الماضي، وأفاد فيه أنه خارج البلاد، لينتشر لاحقاً فيديو له في ميكونوس في رحلة استجمام.

 

 

حاول التحرّك أو بعض من فيه، ومنذ بداية المظاهرات استدراج القوى الأمنيّة نحو ردّة فعل قامعة لهم، تجيّش الرأي العام وتدفعه نحو الشارع، بدءاً من اعتقال شبان رموا النفايات على سيارة الوزير رشيد درباس وحاولوا الاعتداء على موكبه، وصولاً إلى محاولات اقتحام السرايا مرّات عدّة، فصُدّوا بخراطيم المياه الخميس الماضي، قبل مظاهرتَي السبت والأحد. لكن وعلى الرغم من التعاطف الذي نالوه، كانت صورة دركي بلباس رسمي يجلس على قارعة الطريق يبكي صادمة، إذ رفض كثيرون التعرّض لرجال الأمن المأمورين بالطريقة التي تعرّضوا لها، فهم بحسب تعبيرهم فقراء مأمورون ينفّذون الأوامر فقط.

 

كان لبعض الفنانين حصّتهم أيضاً، ولعل أبرزهم اليسا التي أخطأت منذ أيّام ونشرت صورة من حفل لديفيد غيتا ونسبتها إلى إحدى حفلاتها في أوروبا، ظناً منها ربّما بأنها ستنجح في خداع جمهورها، فعمد ناشطون إلى نشر صورة من التظاهرة مرفقة بتعليق: "من حفلة إليسا أمس في وسط بيروت" للسخرية منها.

 

وكان للمراسلين حصّتهم أيضاً، وخصوصاً جورج عيد العامل في محطّة الـMTV، والذي واجه ربّما أهضم المتظاهرين، الذي راح يتمايل ويرقص خلفه أمام عدسة الكاميرا.

 

لم ينسَ المتظاهرون الجدار الإسمنتي الذي أمر رئيس الحكومة بوضعه في محيط السرايا لمنع المتظاهرين من التسلل إليها، والذي ما لبث أن أمر بإزالته بعد أقل من عشرين ساعة. شبّهه بعض الناشطين بـجدار  الفصل العنصري في الضفة الغربيّة والقدس، وآخرون بجدار برلين الشهير. فيما تأسّف مواطن آخر على الوضع التي أوجدته الحكومة وحمل لافتة كتب عليها "والله مفكّر حالي على الحدود مع اسرائيل