الشلل التام الذي ضرب كافة المؤسسات والإدارات في البلد نتيجة الإهتراء السياسي الذي فرضته قوى الأمر الواقع على الحياة العامة وضع اللبنانيين أمام أحد خيارين أحلاهما مر ...         

1 - إما الرحيل عن هذا البلد الموبوء بأمراض الفساد والرشاوى والمحسوبيات والتي أنتجت هذا الكم الهائل من المشاكل والأزمات التي تتفاقم يوماً بعد يوم وتتراكم فوق بعضها في أدراج الوزارات دون أن يلوح في الأفق المنظور أي بارقة أمل بإمكانية إيجاد حلول لأي منها ، فمن مشكلة الكهرباء التي يتجاوز تقنينها في بعض المناطق لأكثر من خمسة عشرة ساعة يومياً إلى مشكلة المياه الشحيحة والتي تشير التقارير المخبرية إلى نسبة تلوث كبيرة في معظم مصادر المياه المخصصة للشرب وللإستعمال المنزلي إلى مشكلة النفايات التي تزين الكثير من الشوارع والطرقات في العاصمة وباقي المدن والقرى اللبنانية والتي ترتفع كالجبال المزينة بمختلف الألوان مع ما تشكله من مناظر خلابة وروائح / ترد الروح / إلى مشكلة الفساد الغذائي إلى مشكلة الفساد الصحي إلى مشكلة سلسلة الرتب والرواتب إلى تلاشي القيمة الشرائية لليرة اللبنانية الذي يتزامن مع الارتفاع في الأسعار دون حسيب أو رقيب إلى المشكلة الأهم وهي الفراغ الرئاسي والذي مضى عليه أكثر من خمسة عشرة شهراً إلى التعطيل الحكومي بعد تعطيل المجلس النيابي إلى المشكلة الأكثر خطورة وهي مشكلة الفلتان الأمني حيث يتزايد منسوب جرائم الخطف والقتل والتهديد والتشبيح والسرقة في وضح النهار ممّا أدى إلى رواج ظاهرة الخطف ومن ثم المطالبة بفدية قد تتجاوز في بعض الحالات مئات الآلاف من الدولارات وتصل احياناً إلى الملايين وتنتهي بخاتمة سعيدة بعد أن يتولى عملية التفاوض مع الخاطفين أجهزة رسمية بالتعاون مع بعض القوى الحزبية الفاعلة والمشهود لها بتغطية الخاطفين مع عجز واضح ومتعمد من القوى الأمنية لإلقاء القبض على هؤلاء العناصر الفاسدة في المجتمع .

وقد انتشرت هذه الظاهرة بشكل واسع في منطقة بعلبك الهرمل المنكوبة والمحرومة أصلاً بعد تفاقم حالات الفقر والجوع فيها مع انعدام حركة الإستثمار  وتعطيل المواسم السياحية بسبب انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع فيها.

هذا خيار أول أمام المواطن اللبناني أما الخيار الآخر وهو أن يتحول كل مواطن بقواه الذاتية إلى مشروع دولة بحيث يجب عليه أن يصل إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي ، فعليه أن يؤمن لأسرته الماء والكهرباء والنظافة بالتخلص من النفايات وحماية نفسه وبيته بإقامة سوراً عالية حول منزله واقتناء ما باستطاعته من السلاح الحربي ( فليس بالضرورة أن يكون سلاحاً نووياً ) للدفاع عن نفسه عند الضرورة أي عند حصول اعتداء عليه أو هجوم على مكان سكنه .

 

بإختصار فإنّ المطلوب من رب كل أسرة أن يمتلك كافة المقومات التي تؤمن له الإستمرار في الحياة ، وذلك كبديل عن الدولة التي ضاعت بين مهاوي الأطماع والصراعات الدائرة بين القوى السياسية والحزبية المتسلطة بقوة الأمر الواقع على البلاد وعلى رقاب العباد .

لكن ليس كل اللبنانيين بإمكانهم الإختيار بين هذين الخيارين إما الرحيل وإما امتلاك مقومات الدولة ، بل إنّ غالبية الشعب اللبناني أعجز من أن يختار أحد هذين الخيارين ، فعندها يرتسم أمامه الإختيار بين واقعين إما الخنوع والاستسلام والعيش حياة الذل والمهانة ، وإما الإنتفاض على هذه الطغمة الحاكمة والإنطلاق بحركة تغييرية يقودها ثلة من الشباب المثقف والمؤمن المجاهد وذلك ترجمة وعملاً بالآية الكريمة (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) صدق الله العظيم .