هل ستنتهي الحالة الأسيرية في لبنان بعد نجاح الأمن العام اللبناني في توقيف الشيخ أحمد الأسير من خلال عملية أمنية ناجحة وموفقة؟

لابد من التأكيد في البداية على أهمية هذا الإنجاز الأمني اللبناني والذي يساهم في حماية الأمن في لبنان، بعد أن تحوّلت الحالة الأسيرية وشيخها أحمد الاسير من حالة اعتراض سياسية وإعلامية وشعبية إلى حالة مسلحة ارتكبت جرائم أمنية وعسكرية بحق الجيش اللبناني والأمن اللبناني، رغم كل التسهيلات التي حظي بها الشيخ الأسير بعد اعتصامه الشهير في مدينة صيدا وإغلاقه طريق الجنوب لوقت طويل .

وبالعودة إلى السؤال الأساسي : هل ستنتهي الحالة الأسيرية بعد اعتقال مؤسسها الشيخ الأسير؟

للإجابة على هذا السؤال ، لا بد من الإشارة إلى أنّ الحالة الأسيرية في لبنان ليست الظاهرة الأولى من الظواهر الإسلامية التي ظهرت في لبنان والتي تشير لتحوّل مجموعة كبيرة من الشباب الإسلامي من الإعتراض السياسي والإعلامي والشعبي إلى العمل العسكري والعنفي ، ومن أبرز هذه المجموعات : مجموعة أبوعائشة كنج( بسام كنج) أو ما سمي مجموعة الضنية والتي برزت في أواخر العام 1999 وفي أوائل العام 2000، ومن ثم مجموعات الشباب الذين قاموا بعمليات أمنية وعسكرية في لبنان خلال المرحلة الممتدة من العام 2001 حتى العام 2006، وتلا ذلك مجموعة جند الشام في منطقة تعمير عين الحلوة ، مجموعة فتح الاسلام في مخيم نهر البارد بقيادة شاكر العبسي والتي تمددت إلى طرابلس ومناطق أخرى، كتائب عبد الله عزام والمجموعات الأمنية الاخرى ومنها مجموعة أسامة منصور وشادي المولوي والتي نفذت عمليات أمنية وعسكرية بسبب التطورات السورية وتركزت أعمالها ضد حزب الله والمؤسسات الإيرانية وبعض المناطق اللبنانية .

اذن نحن أمام ظواهر أمنية وعسكرية عديدة وبعضها اتخذ العمل الشعبي والديني والإعلامي إطاراً لعمله، وإن كانت الحالة الأسيرية هي أقوى حالة تمتعت بدعم شعبي وسياسي وتمددت إلى العديد من المناطق ...

 وفرض الشيخ أحمد الأسير شروطه على الدولة اللبنانية والمؤسسات الأمنية ونجح بالحصول على مربع أمني خاص به في منطقة عبرا في محيط مسجد بلال بن رباح، واستفاد الأسير من حالة الإحباط التي تواجهها الساحة السنية في لبنان ومن الأجواء الناقمة على حزب الله وعلى بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان ، واستغل الأسير الخطاب المذهبي التحريضي ، كما استفاد من مشاركة حزب الله في الأحداث في سوريا ومن حالة التعاطف التي برزت في الساحة الإسلامية في لبنان مع المعارضة السورية.

ومن خلال دراسة الأسباب التي أدّت إلى بروز الظاهرة الأسيرية ، يمكن القول أنّ هذه الحالة لن تنتهي بتوقيف الشيخ الأسير ، بل سنكون أمام ظواهر أسيرية جديدة ولو بأسماء اخرى ما لم تتم معالجة الأسباب التي أدت إلى بروز هذه الظاهرة.

وإنّ بعض ردود الفعل على توقيف الشيخ الأسير، وخصوصاً من خلال مواقع التواصل الإجتماعي ، قد تؤدي إلى المزيد من التوترات الطائفية والمذهبية ، وكل ذلك يتطلب المزيد من الدقة في متابعة ما يجري في المرحلة المقبلة، لأنّه إذا لم تتم معالجة الأسباب العميقة لبروز ظاهرة الشيخ أحمد الأسير فإننا سنكون أمام حالات أسيرية جديدة ولو بأسماء مختلفة.