يحتفل حزب الله غداً بالذكرى التاسعة للإنتصار على العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، وتأتي الإحتفالات هذا العام على أشكال فلكلورية اعتادت قيادة حزب الله على تظهيرها بهدف تعبئة الجماهير وبث الروح، بعد الإنتكاسات الهائلة التي أصابت الحزب جراء الإنغماس في الحرب السورية وأحداث المنطقة . صحيحٌ أن الحديث كثُر عن تدخل الحزب في سوريا واستهلك كثيرا، إلا أن الصحيح أيضا التذكير الدائم أن هذه الخطوة التي لجأ إليها حزب الله كانت الضربة القاضية لإنجاز التحرير والإنتصار، وأدت فيما أدت إليه إلى خروج حزب الله من حلبة الصراع المشروع مع العدو الاسرائيلي إلى حلبة صراع آخر تعيشه المنطقة يقوم على أساس مصالح الدول، هذا الصراع الذي زجّ حزب الله نفسه فيه كونه جزءا من السياسية الإيرانية في المنطقة . إن هذه الصراعات التي لجأ إليها حزب الله كانت كفيلة بتحويل البندقية من مقارعة الإحتلال الاسرائيلي إلى مناصرة النظام المستبد في سوريا وما تبع ذلك من حرب فتنوية تورط بها حزب الله مع جماعات إسلامية أخرى، كانت كفيلة بأن يفقد حزب الله هوية الحزب المجاهد إلى الحزب المتورط في دماء المسلمين من جهة، ومن جهة أخرى الحزب المتورط أيضا في دماء أبناء الطائفة الشيعية الذين يقدمهم قرابين خدمة للنظام المستبد في سوريا وخدمة لمنظومة مصالح جديدة بين دول المنطقة والإقليم . وأمام هذا الواقع المؤسف لم تعد الإحتفالات بالإنتصار ذات قيمة لأن الإنجازات التي حققها حزب الله دمرتها الغطرسة السياسية والغرور السياسي الذي طبع مسيرة قيادة حزب الله في الآونة الأخيرة والتي أفضت الى انكسارات نالت من الطائفة الشيعية كلها ليس في لبنان وحده بل في الوطن العربي كله . إن الإنتصار الحقيقي هو بالعودة إلى الثوابت الحقيقية لمسيرة حزب الله، وبعودة البندقية الى مكانها الطبيعي، وإن الإنتصار الحقيقي هو بالإنسحاب من سوريا، والجرأة في مواجهة الرأي العام الشيعي والعربي بخطأ الإستراتيجيات التي أدت الى اقحام حزب الله والشيعة في سوريا وصراع المصالح في المنطقة . إن الإنتصار الحقيقي هو في التحرر من عقلية الإستئثار وعقلية الإلغاء والعودة إلى لبنان، لبنان الوطن ولبنان الدولة ،ولبنان المؤسسات ،وإن الإنتصار الحقيقي هو بالخروج من دوامة تعطيل البلد والمؤسسات والرجوع إلى القوانين التي كفلها الدستور للوصول إلى الحلول المناسبة لأزمات البلد والناس. إن الإنتصار الحقيقي هو الوقوف إلى جانب الناس ومطالبها المحقة في الماء والكهرباء والطبابة والهواء النظيف . إن الإحتفالات في الانتصار على العدو الاسرائيلي لم تعد ذا قيمة في ظل الوضع المأساوي الذي يعاني منه المواطن اللبناني عموما والجنوبي والبقاعي خصوصا حيث لا ماء ولا كهرباء ولا استشفاء ولاتعليم ، إن الوقوف إلى جانب المواطن اللبناني في معالجة قضاياه هو الانتصار الحقيقي وهو الإنتصار الذي يصبح ذا معنى على مستوى الوطن وعلى مستوى الشعب كله .