رغم التقدّم والتطوّر الكبيرين على صعيد المساواة بين الجنسَين، واكتساب المرأة بعضاً من حقوقها المدنية والسياسية والاجتماعية والمهنية، إلّا أنّ مظاهر عدم المساواة لا تزال بارزة خصوصاً في المجال المهني. فبعض المناصب والمراكز الإدارية تبقى مخصَّصة للرجال، وهذا ما يخلق نوعاً من التمييز غير المحبَّب. فماذا لو كان الرجل مديركِ؟ وماذا لو كان أصغر منكِ سنّاً؟

  مظاهر عدم المساواة كثيرة ومتنوّعة، ولا تقتصر على مجال واحد بل تشمل مجالات عدّة، ولكنها تظهر جليّاً في المجال المهني، حيث إنّ بعض المناصب يتّسم بطابع ذكوري محرَّم على النساء بلوغه. ونلاحظ أنّ ثمة شركات لا تسمح للنساء بشغور مراكز إدارية، باعتبار أنّ «المرأة ضعيفة بيولوجياً وهذا ما يؤثّر في نفسيّتها ويجعلها تتّخذ قرارات غير صائبة».

وهذه الفوارق المهنية تؤثّر سلباً في المرأة فلا تتقبّل أن «يحكمها» مدير ذكر حائز على الشهادة ذاتها ويملك سنوات الخبرة التي تملكها هي. ولكن ماذا لو كان المدير أصغر منها سنّاً؟ وماذا لو كانت تتفوّق عليه ثقافة وخبرة؟ هل يزداد الأمر تعقيداً وسوءاً؟ وكيف يمكنها تقبّل الوضع بأقلّ أضرار ممكنة؟

الخطأ في التربية المتوارثة

أحياناً، يصادف أن يكون المدير أصغر سنّاً من الموظّفات وهذا ما لا يتقبّلنه أبداً، فيشعرن بالغبن وتتزعزع ثقتهنّ بأنفسهنّ إذ يقتنعن أكثر وأكثر بأنّهنّ لن يملكن فرصة للتقدّم وشغور مناصب إدارية بسبب عدم المساواة المتحكّمة في العقول.

وقد أرجع المدرّب المهني فرنسيس بوير هذا الشعور إلى «التربية الخاطئة التي تعود إلى حقبة السبعينات»، موضحاً أنّ «أوّل نظام إداري ظهر في بداية القرن العشرين كان النظام الأبوي-العائلي، حيث كان المدير يترأس هرم الشركة، التي لا تزيد عن الخمسين موظّفاً، من دون أن يملك الخبرة والشهادة، وكانت تنتقل المناصب بين الموظّفين بحسب الأقدمية».

وأشار بوير إلى أنّ «الزمن قد تغيّر وبالتالي على العقليات المهنية أن تتطوّر أيضاً». فقدّم بعض النصائح للمرأة لتتجاوز أزمة أن يديرها من هو أصغر منها سنّاً:

• أوّلاً: تقبّل الوضع بهدوء

وجد بوير أنّ «على المرأة تجنّب الخوض في نقاشات حادّة مع المسؤولين عن الشركة والاستفسار عن سبب إختيارهم مديراً يصغرها سنّاً»، موضحاً أنّ «لكلّ شركة معاييرها الخاصّة في إختيار المدراء وهي من دون شكّ لا تقتصر فقط على السنّ وسنوات الخبرة».

وأكّد أنّ «كلّ ما ستحصلين عليه إذا أسأتِ الكلام عن مديرك الجديد هو السمعة العاطلة بالاضافة إلى تكوين المدير إنطباعاً سيئاً عنك قد يؤثّر في علاقته المهنية بك ويزعزعها».

• ثانياً: إغتنام الفرصة لمحاسبة الذات

وجد بوير أنّ «تعيين مدير أصغر سنّاً منكِ، قد يكون فرصة مهمّة لمحاسبة ذاتك وطرح تساؤلات عدّة قد غفلت أهميّتها في السنوات الماضية»، داعياً إياها عوض الشعور بالاحباط والصراخ، إلى محاولة البحث عن الأسباب التي منعت المسؤولين من تعيينها مديرة رغم سنوات عملها الطويلة في المؤسّسة.

وأوضح المدرّب المهني أنّ «الوضع المهني قد تغيّر عمّا كان عليه سابقاً، ولم يعد الفرد يشغر المناصب الإدارية بحسب أقدميّته في الشركة وسنوات خبرته، بل بحسب كفاءته وبحسب التقدّم الذي أظهره خلال سنوات عمله في المؤسسة».

وتابع مؤكّداً أنّ «العمر لا يهمّ في تحديد المراكز المهنية، فثمّة الكثير من الداخلين إلى سوق العمل حديثاً والذين بالكاد يملكون الخبرة ولكنهم يملكون النضج المهني إذ يعيدون تقييم أخطائهم ونجاحهم، ويتعلّمون من أخطائهم بعكس مَن يملكون خبرة طويلة في المجال ولا يعيدون تقييم مسيرتهم المهنية».

• ثالثاً: محاولة رؤية الوجه الايجابي من المدير الجديد

لاحظ بوير أنّ «الفوارق المهنية بين الجنسين كثيرة وتؤثّر سلباً في نفسيّة النساء اللواتي يشعرن بأنهنّ مظلومات فتتزعزع ثقتهنّ بأنفسهنّ وبقدراتهنّ المهنية»، موضحاً أنّ «الأمر يزداد تعقيداً متى عيّن المسؤولون مديراً صغيراً في السنّ».

وقد دعا المرأة التي تواجه مثل هذه الحالة إلى محاولة كبح غضبها ورؤية الوجه الايجابي من مديرها الجديد بعيداً من سنّه ومن الانطباعات المسبقة، مؤكّداً أنّ «المدير الصغير في السنّ قد يتفهّمك أكثر من غيره، كما أنّه قد يحمل معه تقنيات مهنية جديدة ومتطوّرة تريحك في العمل وبالتالي لا يمكنك الحكم عليه سلباً بمجرّد أنّه يصغرك سنّاً».