يزرع الوضع غير المستقر لـ «نادي الحكمة» القلق في نفوس عشاق النادي ومحبيه الممتدين في مختلف أصقاع لبنان. فمنذ الثورة التي أحدثها باني نهضة كرة السلة الراحل الـ «بريزيدان» أنطوان شويري في النادي عبر انجازات الفوز ببطولتي العرب وآسيا، كبرت شعبية «النادي الأخضر» وبات له مشجعون ومناصرون من مختلف الطوائف، خصوصاً بعد نزول الآلاف الى الشوارع احتفاء بالنصر الكبير.
ترك شويري «الجمل بما حمل»، وتسلم الراحل الآخر هنري شلهوب المهمة، فأنقذ «الحكمة» قبل أن يعتذر بدوره عن عدم إكمال المهمة، ومنذ ذلك الوقت تعاقب على الرئاسة كثيرون وأدخلت السياسة في أعماق «القلعة الخضراء» لكن اللون لم يتغيّر وبقي «الحكمة» بأشكال تنافسية متفاوتة.
جاء من يزيح «التيار الوطني الحر» عن النادي بعدما تولّى رجل الأعمال وديع العبسي التمويل ومعه الناشط زياد عبس الذي أسس اليوم «نادي شباب الأشرفية» بكرة الصالات، ودخلت «القوات اللبنانية» على مضض خوفاً من استفادة «التيار» انتخابياً من دعم «الحكمة». وبعدما تمّ التأكد من أن لا انتخابات قريبة، وجدت «القوات اللبنانية» أن لا مصلحة لها في دعم فريق غالبية جمهوره الساحقة تؤيّدها في الأساس ولن تغيّر هذه الغالبية رأيها حتى لو فاز الفريق بلقب الـ «إن بي آي» مع أي تيار سياسي آخر.
واليوم، كما في بداية كل موسم يعيش «الحكمة» مناخاً ضبابياً على عكس أجواء الصيف الحار، فتغيب الشمس عن جدران النادي ويقف الجمهور قلقاً، وفي اللحظة الأخيرة تنطلق التمارين متأخرة بعد مفاوضات ليأتي من يُنقذ النادي بحلول مؤقتة لا بمشروع متكامل، مع أن الجمهور الأخضر ملَّ من وعود تحويل النادي الى مؤسسة.
مشروع جدّي وحقيقي
يجمع المحبّ والكاره والصديق والعدو، على أن ما تقدّم من تجاذبات لا تليق بتاتاً بسمعة النادي، ويعترف كل هؤلاء بأن مرض السياسة نخر أساسات هذا الصرح الذاهب الى الزوال ما لم يتقدم المخلصون بحلول واقعية.
وبموازاة ذلك، وبرغم كل الحروب التي شنت على الإدارة الحالية، لم يتوصل أحد الى إدانتها ويعترف الأخصام بأن شخص الرئيس نديم حكيم والأمين العام جوزف عبد المسيح فوق كل الشبهات، لذلك لا يرى أحد أفضل منهما لقيادة سفينة النادي، خصوصاً أنهما يحظيان بثقة كل القيّمين على مدرسة وجامعات «الحكمة»، وكل مَن له علاقة بالنادي وكل عائلة اللعبة.
ومن هذا المنطلق، أحجم الرجلان عن الاستقالة وسحباها مراراً وتكراراً وعندما قررا تكملة المشوار تقدّما بمشروع لم يسبقهما عليه أي نادٍ في لبنان. مشروع كفيل بإنقاذ «نادي الحكمة» الى ولد الولد. فما هو هذا المشروع؟
مدينة هنري شلهوب الرياضية
على مساحة 40 ألف متر مربع، يُفترض أن تقام هذه المدينة الرياضية، وتقول الدراسات إنها تتضمَّن ملعباً لكرة القدم يتّسع لـ 15 ألف متفرج وقاعة مقفلة بمواصفات حديثة لكرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد وكرة الصالات وتتسع لسبعة آلاف متفرّج. وهذا المشروع الى ثلاث سنوات بكلفة تناهز الثمانية ملايين دولار على أن يمولها ويموّل النادي بالتوازي داعم النادي حالياً جورج شلهوب، نجل الراحل هنري شلهوب، ومعه بعض المستثمرين على أن يكون متاحاً أمام من يرغب شراء أسهم في النادي.
ويؤكد مصدر مسؤول في إدارة «نادي الحكمة»، أن الخرائط والدراسات جاهزة وقد حظي المشروع بمباركة من مطرانية بيروت للموارنة بهدف المباشرة في تشييده على الأرض الموضوعة بخدمة النادي في منطقة عين نجم.
يؤكد المراقبون أن هذا المشروع غير موجود حالياً على الأراضي اللبنانية وهو لطالما مثل حلماً لأهالي المنطقة الذين يُمنون النفس بمشروع على شاكلة الأندية الرياضية الكبيرة التي نراها في الأفلام، وعلى سبيل المثال في مصر. يكون النادي للعائلة ويتضمّن ملاعب للتنس ومسابح ومطاعم ومقاهي يمكن تقضية أوقات سعيدة فيه ومن خلاله يمكن أن يموّل النادي نفسه بشكل ذاتي.
الفرصة الأخيرة
ويضيف المصدر المسؤول في النادي أن هذا المشروع هو الحل الوحيد لإبعاد «الحكمة» عن السياسة ولتوفير مساحة تستوعب الجميع، ويستغرب محاولات البعض للتصويب على المشروع ويؤكد أن الإدارة ستقاتل للمضي فيه قدماً وإنقاذ النادي من المجهول. كذلك يَعِدُ بمفاجآت كبيرة في حال تم التوافق عليه.