مع خروج المرأة للعمل ومشاركتها مع الرجل في مواجهة أعباء الحياة، يلجأ عدد كبير من الأمهات إلى الاستعانة بمربيات الأطفال، وهذه ظاهرة انتشرت في أوساط المجتمع العربي، على الرغم من نتائج الدراسات المختلفة التي أثبتت التأثير السلبي للمربية على الطفل خاصة في مراحل عمره الأولى. فقد كشفت دراسة حديثة أن 57 % من الأطفال في الوطن العربي يقلّدون الخادمة ويتخذونها قدوة مهما اختلفت ثقافتها وعقيدتها، وأكدت الدراسة أن أغلب المشكلات النفسية التي يعانيها الأطفال في مرحلة الطفولة والمراهقة ناجمة عن تخلي الأم عن دورها وتحميل مربية الأطفال المسؤولية كاملة.

وفي السياق نفسه، كشفت دراسة أخرى أن وجود المربية والخادمة يؤثر سلبًا على النمو اللغوي حيث يكتسب الطفل بسبب المربيات مفردات لغوية ركيكة. وأوضحت الدراسة أن المربية الأجنبية هي التي تختار ملابس الأطفال وبخاصة البنات، وهذا ما يؤثر في نظرتهن إلى الأزياء، وغير ذلك من الآداب والأخلاق.

وفي هذا السياق، قالت الدكتورة زينب حسن "أستاذ أصول التربية" إن تخلي الأم عن أهم أدوارها وهي رعاية وتربية الأبناء وترك الأمر للمربيات، هو من الآفات التي ابتليت بها المجتمعات العربية، مؤكدًة أن الأمر لم يعد يقتصر على المرأة والأم العاملة فحسب، بل أن يشمل الأم غير العاملة أيضاً التي تلجأ إلى المربية كنوع من الرفاهية.

وأشارت حسن إلى الآثار السلبية التي تطال الأطفال الذين تتولى المربيات رعايتهم، وأهمها إضعاف العلاقة بين الطفل وأمه، إذ تكون أكثر منها إشباعًا لحاجات الطفل الرئيسيّة من مأكل ومشرب وغيرهما. واعتبرت أن الطفل قد يتعلّق بالمربية وينزعج لغيابها، في بعض الحالات، فيما لا ينزعج من غياب أمّه، وحذّرت من خطورة ذلك ورأت أنّه ينم عن خلل كبير، لا بد من تتداركه.

وأضافت حسن أن الاعتماد على المربيات يضعف قيم الاستقلالية والاعتماد على الذات عند الطفل، موضحة أن الطفل الذي تعود على أن تلبي له المربية كل متطلباته يكون أكثر اتكالية من غيره من الأطفال.

وأخيرًا، شددت حسن على ضرورة أن يكون الاعتماد على المربية في الحالات الملحة، مؤكدًة على على ضرورة اختيار المربية بعناية شديدة لجهة إمكانياتها التربوية وسلوكياتها وأخلاقها مع حرص الأم على التواجد والحضور المستمر في حياة الطفل.