تبدو فكرة وجود «مثلث برمودا» في الفضاء أشبه بقصة فيلم علمي خيالي، ولكن قناة «دي نيوز» الأميركية طرحت أمس (السبت) هذا الاحتمال في مقطع بعنوان «هل هناك مثلث برمودا في الفضاء؟».

وأوضح مقدم برامج «دي نيوز» جوليان هوغويت، إن «مثلث برمودا هو عبارة عن منطقة تمتد بين برمودا وفلوريدا وبورتو ريكو، وعرفت هذه المنطقة باختفاء كل ما يعبرها جواً أو بحراً من دون سبب واضح».

وتابع أن «الكثيرين يتهمون إما الدوامة العميقة أو مقبرة الشياطين بالتسبب في هذه الحوادث، ولكن الحقيقة هي أن تقارير السفن والطائرات المفقودة في هذه المنطقة عادة ما تكون مبالغاً فيها ويمكن أن تنسب إلى أسباب عادية».

في المقابل، أشار هوغويت إلى أن «هناك منطقة في الفضاء تتحطم فيها حواسيب المحطات الفضائية وتنطفئ الأقمار الاصطناعية وتتوقف التيلسكوبات البصرية عن العمل». ونظراً إلى التشابه الغريب بين المنطقتين، سماها الناس «مثلث برمودا الفضائي».

وأوضح المقدم الأميركي أن «الاختلافات الجوهرية بين الإثنين تكمن في أن طرف مثلث برمودا يقع على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر جنوب برمودا، لذا كان يجدر تسميته بشذوذ المحيط الأطلسي تحرياً للدقة، حتى تأتي الوقائع التي تم توثيقها مع التفسيرات العلمية المناسبة لها».

وأضاف أن «مثلث برمودا الفضائي» تم اكتشافه في العام 1958، وربط وجوده آنذاك بوجود أحزمة «فان إلن» الإشعاعية التي اكتشفت في العام ذاته.

وأشار إلى أن هذه الأحزمة تأتي على شكل حلقات من الجسيمات المشحونة من الرياح الشمسية أو الأشعة الكونية التي حبسها الغلاف المغناطيسي. والحلقة الخارجية هي الإلكترونيات ذات الطاقة العالية، أما الحلقة الداخلية فهي إلكترونات وبروتونات ذات طاقة عالية. ومن الممكن ان تنزع البروتونات الإلكترونيات من الذرات ما يعتبر ضاراً للبشر، إذا تعرضوا لها بمستويات معينة.

ويمكن للبروتونات أيضاً العبث بالإلكترونيات غير المحمية في شكل صحيح، لذا من حسن الحظ أن الحلقة الداخلية في أقرب حالاتها للأرض، تبعد عنها ما يقارب 1000 كيلومتر. أما فوق البرازيل، فتكون الحلقة الداخلية لذلك الحزام أقرب بكثير، إذ يقرب حوالى 200 كيلومتر.

ولفت هوغويت إلى أن «سكان الأرض لن يشعروا بالاختلاف فعلياً، لكن المحطات الفضائية والأقمار الاصطناعية تعبر من خلاله مرات عدة قد تصل إلى سبع مرات في اليوم الواحد على مدارات الميل المنخفضة، ما يعرضها لكل هذه الجسيمات المشحونة».

ولم تكن مستويات إشعاع هذه المنطقة كافية لإضرار البشر أو الأجهزة، حين تم اكتشافها، ولكن منذ ذلك الحين صغر حجم التكنولوجيا وأصبحت أكثر حساسية، ما يجعل «مثلث برمودا الفضائي» غير آمناً للإلكترونيات.

ومع أن «المحطة الفضائية الدولية» مزودة بحماية إضافية لمرورها عبر أحزمة «فان إلين»، إلا أن أجهزة الكمبيوتر المحمولة ما زالت عرضة للتلف، لذا يتوقف تلسكوب الفضاء «هابل» عن رصد الملاحظات حين المرور من خلال الأحزمة، لتجنب اتلاف أجهزة إشعاره.

ويكمن سبب وجود أحزمة «فان إلين» بالقرب من الأرض  في كون أقطاب الأرض المغناطيسية محور الأحزمة، في حين أن الأرض تدور حول محاور أخرى، ما يجعل من سهم بوصلتك المتجه إلى الشمال لا يشير إلى الشمال الحقيقي.

وينتج من ذلك الاختلاف في المحاور ميلان الأرض باتجاه الأحزمة ووجود إشعاعات فوق أميركا الجنوبية، لكنها تتحرك 34 كيلومتراً إلى الشرق سنوياً، ما يعني أنه خلال قرن من الآن ستواجه الأقمار الاصطناعية التي تمر فوق ناميبيا آثار إشعاعات «مثلث برمودا الفضائي» الحالية.

 

وسيكون من اللازم حينها التفكير في أسماء أخرى غير «مثلث برمودا الفضائي» و«شذوذ أميركا الجنوبية» لأنهما لن ينطبقا على المنطقة الجديدة.