لم يعُد سِرّاً أنّ نسَب الطلاق ارتفعت بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، وأصابَت حوالي 50 في المئة من الأزواج، بعد مرور بضعة أسابيع أو أشهر أو سنوات فقط على قولهم كلمة «نعم»، التي من المفترض أن تكون «أبدية».

وباتت هذه الظاهرة محطّ أبحاث ودراسات كثيرة هدفت إلى تفسيرها وإيجاد أسبابها العلميّة والمنطقيّة للحدّ منها ومن آثارها السلبية. وكان آخرها دراسة أميركية أجراها الاختصاصي في علم الاجتماع في جامعة «يوتا»، نيكولا وولفينغر، الذي سَلّط الضوء عليها وعلى علاقتها بسِنّ الزوجين. وأفاد أنّ «ظاهرة الطلاق مرتبطة بشكل أساسيّ بالسنّ الذي قرّر فيه الشريكان الارتباط»، مشيراً إلى أنّه «من غير المستحسَن أبداً الزواج في سنّ متقدّمة أو متأخّرة جدّاً».

نجاح الزواج... رهن عمر الزَوجَين

وللتوصّل إلى هذه النتيجة، استند الباحث على بيانات «المسح القومي لنموّ الأسرة»، وحاولَ إيجاد الرابط بين السنّ الذي تزوّج فيه الشريكَان ونسَب الطلاق. وتبيّن أنّ «32 في المئة من الأشخاص الذين تزوّجوا قبل أن يتجاوزوا العشرين من عمرهم كانوا عرضةً للانفصال والطلاق، وانخفضَت هذه النسبة لتطال 20 في المئة من الذين تزوّجوا في سنّ تتراوح بين 20 و24 عاماً، و19 في المئة من الذين تزوّجوا بعد تجاوزِهم سنّ الـ 35». وأثبتت الدراسة أنّ «الزواج يكون مستقرّاً أكثر عندما يتزوّج الشريكان في السنّ الممتدّة بين 25 و32 سنة».

السبب في النضوج

وتعليقاً على هذه النتائج، أوضَح الباحث في علم الاجتماع أنّ «فشلَ الزواج لدى الفئات الشابة يفسَّر، بسهولة، بعدم النضوج، إلّا أنّ الطلاق الذي يصيب من تجاوزوا الـ 32 من عمرهم يصعب تفسيره مقارنةً بالفئات الأخرى». معتبراً أنّ «بعض الاشخاص ليسوا معدّين للارتباط والزواج، وإذا لم يتزوّجوا مع بلوغهم أواخرَ العشرينات، فإنّهم سيكونون عرضةً للطلاق إذا تزوّجوا في بداية الثلاثينات».

ماذا عن فارق السِنّ؟

وكانت دراسة أميركية أخرى أجراها باحث في علوم الكمبيوتر في جامعة «ميشيغان»، راندال أولسون، قد أثبتَت أنّ «نِسَب الطلاق مرتبطة بشكل رئيسي بفارق السنّ بين الزَوجَين». وأكّد أنّه «كلّما كان فارق السنّ بارزاً بين الزوجَين، زادت نسبة الطلاق»، مستنِداً في ذلك إلى دراسة حال 3000 عائلة أميركية.

سَنة واحدة... باخرة النجاة

وبحسَب أولسون، فإنّ «الزواج ينجو من براثن الطلاق إذا بلغَ فارق السنّ بين الزوجَين سَنة واحدة فقط، ففي هذه الحالة لا يصيب سوى 3 في المئة فقط من العائلات».

إلّا أنّ نسَب الطلاق ترتفع كلّما ارتفع فارق السنّ بين الزوجَين، «وتبلغ 18 في المئة في حال بلغَ فارق السنّ 5 سنوات، وتصيب 39 في المئة من العائلات التي يبلغ فيها فارق السنّ 10 سنوات». وتبيّن أنّ «خطرَ الطلاق يبلغ ذروته ويصل إلى حدّ 95 في المئة في حال وصَل فارق السنّ بين الزوجَين إلى 20 عاماً».

المعتقدات

وأوضَح أولسون أنّ نِسَب الطلاق ترتفع أكثر كلّما ارتفعَ فارق السنّ بين الزوجَين وكلّما ازداد اختلاف المعتقدات والقيَم الثقافية بينهما، موضحاً أنّه «إذا كانا ينتميان إلى جيلَين مختلفَين، فهذا يعني أنّ أذواقهما في ما يتعلّق بالموسيقى والفنّ والسينما ستكون مختلفة أيضاً». وتابعَ مؤكّداً أنّ «هذه الهوّة تظهر أيضاً في سهراتهما مع الأصدقاء وفي حياتهما الجنسية».

من جهتها، قالت طبيبة نفسية أميركية في حديثها إلى موقع marketwatch.com إنّ «الرغبات الجنسية ترتفع عند المرأة كلّما تقدّمَت في السنّ، في حين أنّ الوظائف الجنسية للرجل تنخفض مع تقدّمه في العمر، وهذا ما يكون سبباً لانفصالهما». وخلصَ أولسون إلى أن «ثمّة أسباب أخرى تؤدّي إلى الطلاق، ولا يمكن حصرها بفارق السنّ فقط».