يمثِّل عالم الدِّين والشريعة والفقه والأصول وداعية حقوق الإنسان وصوت الإعتدال ،العلامة اللبناني الشيعي السيد علي الأمين حالة من حالات المظلومية والإضطهاد والإبعاد عن أهله ومدرسته منذ أكثر من سبع سنواتٍ عِجافٍ ...

فأيُّ قيمةٍ لحياة إمرئ لا عمل له فيها سوى معالجة نفسه، وتذليلها على الرضى بما يرضى به الزعيم الديني والسياسي من أجل أن يلبس لباساً قد يُحرج به عقله وقيمته ، قبل صدره وبدنه...

وعلى مرِّ التاريخ أُضطهد الكثير من المفكرين والعلماء والمثقفين ، وحالهم حال كثير من الأدباء والعلماء في الأمم الأخرى المظلمة والأزمنة المختلفة ..

وقد شاء الله أن يُشرِف "السيد" على تدريسنا وتعليمنا، وهو الذي حبَّبنا بنهج وفكر الإمام الصدر وحملة إرثه من أجل حماية الإنسان المضطهد والمحروم إنطلاقاً من نهجه الديني والإنساني ، ومن قسم موسى الصدر "أقسمنا أن لا نترك محروماً واحداً" ومن مواقف موسى الصدر "بأن لا يبقى الجنوب مفتوحاً وباقي الجبهات مغلقة"...

لم يقترف جريمة كبرى،أو خيانة عظمى، بحق بلده ووطنه وأهله الذي كان أحبَّهم ويحبُّهم ويُخلص لهم ، وقد عشناه وعشنا معه ما قبل حرب تموز، وأثناء الحرب ،لرؤية أبداها من موقع حرصه وهو يتنقل بين الركام وبين أجساد الشهداء وهو يتألَّم على أهله وجنوبه، ونادى باللآت الثلاثة التي نادى بها الإمام الصدر "لا لدولة المزرعة والمزارع ،لا لبقاء محروم في أرضه،لا لجنوبٍ يبقى متاعاً ودول أخرى ضاحكة مستبشرة"...

وكتبها على مداخل أبواب الوطنية والعروبة، إنه عالمٌ مرموقٌ ، ومفكرٌ إسلاميٌّ ودينيٌّ إنطلق بدافع فطرته السليمة التي فطره الله عليها، ومن إيمانه الإنساني والوطني منادياً من أجل قيام دولة القانون والمؤسسات، ودعم الجيش اللبناني الذي يحمي الجميع تحت سقف الوطن ، لكي لا نبقى في العراء التاريخي، لأنه لا تحمينا طوائفنا وأحزابنا بل الدولة هي التي تحمي الجميع...

ألا يستحق هذا العالم وقفة تضامنٍ معه ومع رؤيته ومكانته الرفيعة في تاريخنا الثقافي والديني والسياسي ، التي أثبتت الأحداث والتجارب صحتها من أجل أن نعيش في كنف الدولة ، والدعوة إلى التلاقي والحوار والتحاور من أجل ترسيخ العلاقات بين مختلف مكونات الشعب اللبناني ، ألا يستحق من دعاة رجال الدين ومن المؤسسة الدينية أن يقفوا وقفة المحب والتقرب في وجهات النظر بدلاً من البغض والتباعد ..

ألا يستحق من المثقفين والأدباء والمجتمع المدني، والجمعيات واللقاءات العلمائية ، وخصوصاً من الشيعة المعارضين،مع الأسف لبعضهم الذين راحوا يلوكون الكلام لوكاً صباحاً ومساءاً لواكاً..

فيا لخيبة المعارضة المشرَّدة التي التي لا تقف وقفة واحدة لتحمي للأقل مثقفيها وعلمائها ومفكريها الأحرار الشرفاء من حملة مشاعل الحرية بدلاً من أن نكون مشرَّدين على أرصفة الوطن.