لعيد الفطر خصوصيته عند المسلمين ، فهو أول أعيادهم وفق السنة الهجرية ، والذي يأتي بعد صيام ثلاثين يوماً (أو 29) من شهر رمضان المبارك ، أما تسميته فتعود لكون الصائمين يفطرون به بعد صيام شهر كامل .

يعود أصل هذا العيد للسنة الثانية للهجرة وهي السنة الأولى التي شهدت شهر رمضان والعيد الذي يليه ، إضافة فإنَ صيام أول يوم من أيام عيد الفطر هو أمر محرم شرعاً .

وفي حين يعتبر البعض هذا العيد ثلاثة أيام ، غير أنه وفق الديانة الإسلامية هو يوم واحد ، يبدأ بعد غروب اليوم الأخير من رمضان لينتهي بغروب الأول من شوال ، وفي هذا اليوم تنتهي مهلة دفع "فطرة الصيام" وهي موجبة على المسلمين وعليهم أن يؤدوها .

وصدقة الفطر فرضت ليتشارك الفقير مع الغني فرح العيد وسروره ، وهذا من المعاني السامية التي يتميز بها عيد الفطر .

 

كما وله طقوسه الدينية والقدسية من تكبير وغسل (استحمام) ، وإفطار ثلاث تمرات ، والخروج لأداء صلاة العيد والتي تقام في صباحه جماعة فتضج المساجد بالمصلين ، وصولاً إلى صلة الرحم وزيارة الأقارب وتبادل التهنئة والمعايدات ...

إضافة إلى إرتداء كل ما هو جديد من الثياب كتعبير عن الفرح وتقديم الحلويات المنوعة للمعايدين من التمر للمعمول للبقلاوة ، إضافة إلى النقولات .

 

فرح العيد وسروره ، تأثر بعدة عوامل على مدى العصور والأعوام ، فعلى الرغم من طابعه الديني الذي ما زال مسيطر غير أنّه فقد الكثير من روحانياته ومن معانيه ، بفضل الظروف القاسية التي لحقت بالأمة الإسلامية .

ففي لبنان مثلاً ، نسمع عبارة "مش كأنو عيد " ، " يوم عادي متله متل غيره " ، "العيد للولاد "

هذه العبارات الثلاث تناقض ماهية العيد القدسية فهو ليس لفئة عمرية وليس بيوم عادي .

كما نسمع العديد يعتذر عن تقبل التهاني لأسباب خاصة أو عامة ، وهذا أيضاً ما يناقض فكرته .

 

حتى "صدقة الفطرة " و "الزكاة عن الأموال" ، نجد شريحة واسعة من الميسورين يمتنعون عن أدائها فيحرمون الفقير من حقه في مشاركتهم البعض من "روحانية العيد" ، وهذا ما دفع بعض الشعراء إلى تسليط الضوء على ظاهرة "فقدان ماهية العيد" :

فالمتنبي قد قال "عيد بأية حال عدت يا عيد .... بما مضى أم بأمر فيك تجديد "

وغيره من الأدباء أضاؤوا على أنانية الأغنياء في  الأعياد بعديد من النثر والشعر ...

حيث أنّ الأعياد بشكل عام تحمل معاني البركة والخير والشعور بالآخر والتآخي وليس فقط عيد الفطر ؟!

 

ولكن ونحن اليوم وفي ليلة العيد نتساءل :

ماذا قدمنا للنازحين الذين تأويهم الخيم ولا ملبس لهم غير الثياب الممزقة ؟

ماذا قدمنا لذلك المتوسل الذي ينام على الرصيف!

هل أحسنا إلى يتيم ، هل تصدقنا  ... !

 

أسئلة لو طرحناها نجد قلة من القلة هم فقط من قاموا بها ، فنحن غرقنا في الأنانية المفرطة وفي المادية البحتة ، وظلّ الفقر الذي خيم علينا و وسّع الطبقية بين الميسور والمعسور ، حوّلنا من "أناس" إلى "عُبّاد مال" ...

 

غداً العيد ، ولكنه عيد "لمن معه الليرة والدولار "  ولكنه عيد "الجيوب والبطون والصحون "، هو عيد ستفيض به الموائد بأنواع المأكولات وبالأطباق الملونة والتي سترمى ملأى بالقمامة ...

هو عيد يتفاخر به أهل الشجع ، ولكنهم لن يذوقوا لذته وفرحه ...

 

إنه ليس عيد الأغنياء ، هو حقاً عيد الفقراء الذين سيبتسمون بالرغم من الوجع ، وسيحيون طقوس العيد "على أدهن" ، لن يتعالوا على بعضهم البعض ولن يتفاخروا ، سيأكلون "الفتات " مجتمعين وفرحين وقانعين ...

وسيتبادلون الزيارات بكل محبة على الرغم من الحصير ...

 

فكل عام وفقراء الأوطان بخير ، فكل عام ونازحي لبنان بخير ، فكل عام وهم العيد الحق الذي لم يتزيف ولم يتحول من عالم "المثل" لعالم "النرجسية " المحدود .