عندما سألت محللة نفسية أحد الآباء اللبنانيين عن سبب معاشرته إبنته، بادر قائلاً:” ألست أنا أولى بذلك من الغريب!”. لا ينطبق هذا الموضوع على تبرير الوالد لسفاح القربى فقط بل تتوسع الدائرة لتشمل أحياناً تبرير رب المنزل لمعاشرة الأخ لأخته مبدياً العذر لنفسه.

لا ينحصر الموضوع على الأب المعنف فقط. تتوسع القضية لتشمل بعض الأمهات اللواتي يسهلن لبناتهن ممارسة الدعارة ومعاشرة رجال فيصبحن النموذج الأسوأ لوالدة “تعنف” إبنتها.
رأت منسقة قسم الخدمة النفسية في جمعية “حماية” ميرا عطالله في حديث لـ”النهار” أن التحرش الجنسي لا يثبت بسهولة عند الصغار بينما يترك سفاح القربى أثراً واضحاً يمكن تثبيته عند معاينة الطبيب.
وإعتبرت أن “البيئة المنزلية تعزز سفاح القربى، ولاسيما من خلال غياب أي خصوصية لأفراد العائلة”، مضيفة انه ” تغيب عند بعض العائلات أي خصوصية للفتاة أو للصبي في المنزل ،يفقد كل منهما إستقلاليته إن في النوم أو في الإستحمام. كما يميل الأهل إلى تغييب دورهم التثقيفي في إيضاح دور المرأة والرجل وأدوار كل أفراد العائلة ليتقيد إبنهم أو إبنتهم فيها”.

وخصصت قسماً من حديثها عن سفاح القربى معتبرة أن “نكران العائلة أو الأم مثلاً للواقع يجعلها شريكة في الفعل اللأخلاقي. تخشى الوالدة من البوح بالحقيقة خوفاً من الفضيحة رغم أنها تعلم بحدوث الفعل في حق ولد من أولادها”.

ولاحظت أن الأهل لا يعون أحياناً خطورة ترك تربية الطفل على يد عاملة منزلية مهملة وغير مسؤولة. كما أنهم لا يدركون أحياناُ المخاطر التي يمكن أن تعترض ولدهم، وهو في السادسة مثلاً، أثناء تنقله وحده إلى الدكان لشراء بعض الحلوى مثلاً أو للتوجه إلى حمام في أي مطعم دون أن يرافقه أي فرد من العائلة”، وفق عطا الله.

وحذرت من” تقبيل الأب والأم الولد أو البنت على فمه لأن هذا الأسلوب يخرج عن النهج السليم لتقبيل الإبن أو الإبنة”. و دعت أيضاً إلى ” الإبتعاد من ثقافة بعض المجتمعات التي تميل إلى تشجيع الولد على التباهي وهو من دون لباس داخلي أنه صبي”. كذلك تمنت أن ” لا يعتمد الأهل أسلوب مبالغ فيه في “تغنيج”أولادهم لأنه لا يمت للتربية بأي صلة”.
و اعتبرت أن “ثمة حاجة ماسة لحوار صحي بين العائلة مبني على الوعي والمراقبة الصحية وتنمية التفكير النقدي لديه. كما ان الشركة مع الأهل في تعميم هذا الوعي والتفكير النقدي يدخل في أولويات عمل الجمعية”.
وقالت عطا الله ان الجمعية “تقوم بحملات توعية في بعض المدارس لإعداد معلمين حول هذه القضية فضلاً عن تعريف الأولاد على إحترام اجسامهم وإرشادهم على أنواع العنف والتبيلغ عن اي منها “.
واضافت أن “الجمعية وفرت مركزاً لإقامة الأولاد المعنفين من عمر الـ12 سنة إلى 18 في جيل لبنان لإعادة تأهيلهم للحياة”. وأملت “لو تتكاثف الجهود لتنظيم حملة وطنية متكاملة من الوزرات المعنية ، بالتعاون مع الأهل والجمعيات والقطاعات كلها لإبعاد العنف عند أولادنا”.