من حق جبران باسيل وهو الصهر المدلل أن يسعى جاهداً لوراثة عمه في زعامة التيار الوطني الحر. ولكن ليس من حقه وهو الوزير المشاكس أن ينسى صفته كوزير للخارجية والمغتربين التي تحتاج إلى لغة دبلوماسية راقية و أن يستبدل هذه اللغة بلغة إبن الشارع ليخاطب بها رئيس حكومته الرئيس تمام سلام مستخدما أساليب دنيئة ، وإتهامه بخرق الدستور والتعدي على صلاحيات رئاسة الجمهورية وهو يدرك جيدا كما الجميع أنّ الرئيس سلام ليس من النوع الذي يمكن إدراجه على لائحة المعتدين على صلاحيات غيره وخصوصاً صلاحيات رئاسة الجمهورية .

فالرئيس سلام يتولى رئاسة الحكومة في ظل ظروف إقليمية صعبة ووسط صراع داخلي بين مختلف الأفرقاء اللبنانية ، ومع هذا فإنّه استطاع أن يحيد البلد عن نيران الحروب المشتعلة من حوله ، وأن يحدد سقفا للمماحكات والتناتش الداخلي .

فعلى رغم ضراوة الحروب الأهلية والإقليمية في سوريا والإنفلات الإجرامي للجماعات الإرهابية والتكفيرية (داعش والقاعدة وجبهة النصرة ) ، والذبح وقطع الرؤوس وتهجير الأقليات وبيع النساء في سوق النخاسة فإنّ لبنان أحتفظ بحد أدنى من الهدوء والإستقرار .

وكانت الحكومة تجتمع دورياً وبإنتظام وتتجاوز المحن والإرباكات ، ورحلة الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل تتابع مسيرتها المتعثرة في طريق مزروع بالعراقيل والعقبات .

وإذا كان العماد ميشال عون يصرّ على أن يكون الرئيس المقبل للجمهورية اللبنانية ، ويعتبر أن انتخاب أي شخص غيره اعتداء عليه وإصرار على تهميش المكوّن المسيحي الذي ينتمي إليه .

وبالتالي فإنّه يرى أن انتخابه رئيساً هو مكافأة له على تاريخه وإلغاء للغبن الذي لحق بحقوق المسيحيين .

إلاّ أنّ هناك عقبات ليست يسيرة تعترض طريق عون إلى قصر بعبدا ، فهو لا يملك الأكثرية النيابية اللازمة التي تؤمن له الفوز بالرئاسة ثم أنّ حليفه حزب الله ليس في وارد ولا يبدي إستعداداً  للدخول في مغامرة في البلد على غرار المغامرة الحوثية في اليمن ، وواضح أنّ عون يرى أنها فرصته الأخيرة للجلوس على كرسي الرئاسة بعدما بلغ من العمر عتياً .

فالعماد عون من حقه أن يتحرك ويدعو جماعته للتظاهر والاعتصام والمطالبة لكن ليس من حقه استخدام الشارع لتعطيل الدستور وضرب الميثاقية ووضع البلد على شفير الهاوية ، وليس من حقّه استهداف قوى اتخذت قرارات جريئة وصعبة في الوقوف ضد التطرف والتشدد .

وبالتالي إذا كان من حق الوزير باسيل السعي لوراثة الزعامة العونية ، لكن ليس من حقه رمي الآخرين باتهامات باطلة وتجاوز اللياقات والأدبيات .

وللإشارة فإنّ حكومة سلام تشكل  وبدعم دولي ، مظلة واقية لبلد تتفاقم فيه الأزمات المعيشية والإقتصادية والأمنية ومشحون بالموروثات المذهبية والطائفية ، وممنوع على عون وصهره خرق هذه المظلة تحت تأثير نوبات العصبية وجنون العظمة ووراثة الزعامة ..