ما ندركه من إجابات عن سؤال ما بعد الأسد يعيد رسم السياسة في لبنان وفق حسابات جديدة من شأنها تعطيل مفاعيل القوى المؤثرة في حياة نظام الأسد وتهميش شيعة سياسية متمثلة بقوى 8 آذار التي ارتبطت بالوجود السوري الذي منح أفرادها وأحزابها أدواراً متقدمة سواء في السلطة أم في المعارضة .

طبعاً انتعاش جماعات 14 آذار سيتضخم بطريقة هستيرية لأنّها ستتذوق حلاوة النصر ولأول مرّة بسُكّر طبيعي ، وستمسك بسلطة وصلت اليها عبر الحدود الأكثر تأثيراً بلبنان دولة وأحزاباً ولن يكون للآخرين من المؤمنين بشعارات أمست خارج سياج التاريخ الحديث أدوار تُذكر إلاّ كمكونات طائفية تأخذ حصصها السياسية دون أن يكون لها شأن في سياسة بلد بات في خدمة المشروع المنتصر على الوصي السوري .

تبدو نتائج الإنتصار واضحة لا مجال فيها للُبس على صعيد إعادة تركيب لبنان بما ينسجم مع المعطى السوري وبالتالي مع الدولة الإقليمية النافذة في السياسات العربية إلاّ أنها ليست فورية والسقوط الصعب لقوى 8 آذار سيمنح المنتفعين فرص الإنسحاب السريع من تموضع الضرورة الشخصية وبناء تحالف ذيلي مع الرافعة السياسية الجديدة للبنان في حين أن الثابتين على مواقفهم سيتمسكون بمنطق الطائف وحقوق الطوائف والشراكة الفعلية الغير متأثرة بالمحيط العربي الجديد والتصالح مع الذات وطوي صفحة كانت مُلزمة للجميع كيّ يختاروا مواقف كانت بالنسبة لهم مُبررة وأسبابها كافية للشروع بها تحت طائلة الإنتماء للدور الإقليمي الفاعل والمؤثر في منطقة لا مكان فيها إلاّ للأقوياء .

حتى اللحظة يجيب حزب الله بسهولة عن سؤاله الصعب ويعتبر أن الأسد بات حصة سياسية ممسوكة بقوّة الدولة الايرانية التي إصطنعت معجزة الصمود لصالح أقلية سورية ستبقى داخل الحيز السلطوي السوري لأنها أثبتت دورها في المستقبل السوري بقتالها المشروع لصالح الدولة الراعية للمكونات السورية بعد أن تهدم سطح السلطة القائمة على الجميع .

كما أن منطق التسويات السياسية سيعطي كل ذي حق حقه ،  وهذا ما من شأنه أن لا يلغي أحداً بالقدر الذي سيؤمن فرص سياسية جديدة للجميع وبغض النظر عن مسألة الأحجام التي لن تكون سوى عبء ثقيل على المكون الأكثري لأنّه سيتحمل مسؤولية إعمار ما هدمته آلات الحروب وعلى المستويات كافة .

ربما يكون ما إستطعنا تلمسه من قراءة غير سطحية لنتائج ما بعد الأسد هو مجرد رؤية غير قاطعة نتيجة لبروز مفاجأة سارة  قد تأتي من ظهر الغيب كما يؤمن المؤمنون بإله الحرب على كثرتهم لتوفير حسابات غير منظورة حتى الآن .