لقد جاء التحرك الذي دعت إليه مجموعة من الشخصيات الشيعية المعتدلة والمعارضة لحزب الله والذي أقيم في ساحة رياض الصلح في بيروت ، وما تلاه من تحركات وزيارات لهذا التجمع على عدد من السياسيين اللبنانيين، ليؤكد حضور هذه القوى وتواجدها داخل الطائفة الشيعية، وليؤكد وجود لغة أخرى داخل الطائفة غير اللغة التي يسعى حزب الله لتكريسها ، وقد كان لهذا اللقاء صداه السياسي والإعلامي محلياً وعربياً وألقى مزيداً من الضغط على سياسات حزب الله تجاه الملفات المحلية والإقليمية ، نظراً لما خرج به اللقاء من مواقف صدرت على لسان رئيس المركز العربي للحوار الشيخ عباس الجوهري والإعلامي الأستاذ علي الأمين .

لم يستطع حزب الله هضم هذه الحركة بعد وسخّر لمواجهتها ماكنته الإعلامية وأجهزته الأمنية فتولى إعلامه شن هجوم عنيف على هذا التحرك مستعيناً بلغته الدائمة ضد معارضيه ، وهي لغة الشتائم والتخوين والتهديد والترهيب ، وإنصرفت أجهزته الأمنية لفبركة المعلومات ونشر التسريبات ما يؤكد التأثير الكبير لهذه الحركة المعارضة وملامستها ساحة الحزب نفسه ، فإستشعر الخطر وراح يرّوج عبر إعلامه وتسريباته شتّى التهم والأكاذيب التي تنشرها دائماً صحيفة الأخبار، هذه الصحيفة التي باتت معروفة بتسريباتها الإعلامية الناطقة بإسم الحزب من جهة ، ومن جهة ثانية ما نشرته الصحيفة يوم أمس منسوباً للكاتبة ميسم رزق "صديقة فارس سعيد " ، والمعروفة بصلتها الوثيقة بالرجل حول لقاء قيادات شيعية بالسنيورة، مع العلم أنّ هذا اللقاء كان للتشاور مع الرئيس السنيورة بما يمثل من تيار الإعتدال في ظلّ إستقدام التطرّف الداعشي الذي يساويه التطرفّ الشيعي الحالي الذي يقوده حزب الله وهو المشغل بالأصل لجريدة الأخبار، وغيرها من وسائل إعلامية عدة والموظفة في الحرب على الإرهاب برضى الغرب عموماً ورضى الأمريكي خصوصاً، وذلك في ظلّ الأجواء الجديدة لمشغله الإيراني الذي يوطد صلته الجديدة بالأمريكيين .

لم يشأ حزب الله الإصغاء لمواقف المعترضين الشيعة أو فتح قناة حوار معهم بل هو مصرّعلى  تجاهل الأصوات الداعية للحوار ، والتواصل لمناقشة القضايا الخلافية التي تهم الطائفة، ما يؤشر إلى أنّ حزب الله بهجومه الإعلامي وتسريباته الأمنية الكاذبة سيذهب بعيداً في هذه المواجهة لإسكات الأصوات المعترضة على سياساته التدميرية بحق الوطن والطائفة، وهو بذلك يؤكد من حيث لا يدري أهمية هذه المواقف المعارضة وقدرتها على إختراق جدار الصمت في هذه الطائفة التي أرادها حزب الله رهينة دائمة لسياساته والسياسات الإيرانية المدمرة بحق الشيعة في المنطقة ، الأمر الذي أدى إلى تضرر هذا الكيان الشيعي في لبنان والمنطقة إلى حد كبير  .

وأما أن يُسخّر حزب الله أجهزته الأمنية وتسريباته الأمنية للتأثير على هذه الأصوات المعارضة فإنّ ذلك يدل على إفلاسه في المواجهة السياسية ، على الأقل في الساحة الداخلية المحلية حيث لم يتجرأ الحزب على الحوار والمناقشة ولم يستطع في الوقت نفسه مواجهة هذا التحدي الذي فرضته هذه القوى بمواقفها اللافتة والمحقة .