إزدادت في الأيام الأخيرة الأصوات الداعية إلى التقسيم في العراق ، وإلى الفيدرالية في لبنان، وكأنّ هناك رابط ما يجمع بين هذه الدعوات ، فما يجري في العراق ينعكس على الوضع في لبنان وفي كل المنطقة .

ففي التاريخ وبعد ثورة 14 تموز 1958 في العراق ، حصل التدخل الأميركي في لبنان لمواجهة أحداث العام 1958 ، والحراك الشعبي ضد الرئيس كميل شمعون وإنتهت التطورات بتسوية عربية – دولية أوصلت اللواء فؤاد شهاب إلى الحكم .

وفي العام 1982 وبعد تحرير إيران لمدينة خورمشهر من الإحتلال الصدامي  وبدء الدخول الإيراني إلى الأراضي العراقية ، قام الجيش الإسرائيلي بإحتلال لبنان في حزيران 1982 .

والكل يتذكر أيضاً العلاقة التي ربطت بين صدام حسين والعماد ميشال عون خلال حرب التحرير عام 1989 ، ولم ينته تمرد العماد عون ضد إتفاق الطائف إلا بعد حرب الخليج الثانية ودخول صدام حسين إلى الكويت ومن ثم تشكيل التحالف الدولي – العربي لتحرير الكويت ، وقد شاركت سوريا في التحالف وكانت الجائزة التي نالتها السماح لها بإنهاء تمرد عون والبدء بتطبيق إتفاق الطائف وإنتهاء الحرب الأهلية في لبنان .

ومنذ العام 2003 وبعد سقوط صدام حسين ، فإنّ لبنان وكل العالم العربي يعيش في مرحلة جديدة من الإنفجار الذي لا أحد يستطيع تحديد نهاياته .

واليوم نحن نسمع الدعوة إلى تقسيم العراق بشكل صريح وواضح من رئيس إقليم كردستان مسعود البرازاني ، ومن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ، وهذه الدعوة تحظى بدعم ورعاية من جهات دولية وخصوصاً الكونغرس الأميركي .

وفي لبنان إرتفعت مؤخراً الدعوات الصريحة من بعض الأطراف المسيحية والإسلامية بإعتماد خيار الفيدرالية أو التقسيم، وقد سمعنا ذلك على لسان العماد ميشال عون والوزير سجعان قزي ومسؤولي هيئة العلماء المسلمين ، وهذه الدعوات تجد لها بعض الأصداء في الشارع اللبناني رغم أنّ الكل يدرك مخاطر هذا الخيار وصعوبة  تطبيقه.

وفي موازة التصعيد لدى العديد من الأوساط السياسية والشعبية حول بعض الملفات العالقة، فإنّ أخطر وجوه هذا التصعيد ما يهدد به التيار الوطني الحر ورئيسه العماد ميشال عون والذي بدأ تحريك قاعدته الشعبية والإستعداد لتحركات مكثفة إحتجاجا على ما يعتبره " ضرب الحقوق المسيحية" ، وإذا لم يتم تدارك الأمر والتوصل إلى حلول للأزمة السياسية وإتجه الجميع نحو التصعيد ، فإنّ لبنان وكل المنطقة سيشهدان مخاطر عديدة وقد يكون التقسيم أو الفيدرالية أحد وجوهها .

 فلنستعد إذن لكل الإحتمالات لأن الأيام المقبلة قد تشهد تطورات خطيرة ما لم يتم تدارك الأوضاع إن في لبنان أو في العراق أو على مستوى كل الأزمات السياسية والعسكرية المتفجرة في دول المنطقة .