لم يعد خافيا على أحد أن الأزمة السياسية في البلاد باتت مفتوحة على مصراعيها، ولم يستطع أي من الأفرقاء السياسيين اجتراح الحلول المناسبة للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، والتي تبدأ بملف الشغور الرئاسي وتمتد إلى العمل الحكومي والعمل النيابي والتعيينات وملفات أخرى، وذلك كله على خلفية الارتباطات الخارجية للأفرقاء السياسيين تلك الإرتباطات التي تعجز حتى اللحظة عن اجتراح الحلول المناسبة للأزمة نظرا للتعقيدات السياسية والأمنية والعسكرية التي تعيشها المنطقة بأسرها .

وكان لافتا يوم أمس وخلال جلسة مجلس الوزراء إصرار بعض الأطراف على التعطيل بالرغم من إصرار رئيس الحكومة على تقديم انجاز ما في العمل الحكومي ولو بالحد الأدني، وشاءت هذه الأطراف أن تذهب بعيدا في التعطيل لتخرج الجلسة عن بنودها المحددة ويعرب الرئيس تمام سلام عن رفضه للأساليب التي لجأ إليها وزراء التيار الوطني الحر قائلا :لا تأخذوني الى مكان أستطيع أن أصل إليه بقدمي، لقد استثمرتم في صبري الذي هو ملكي، لكن صبر الوطن أنا مسؤول عنه، تستطيعون الاعتراض وتسجيله لكنني لن أخضع للمزاجية.

لقد مضت سنة وأنتم تحاولون منع الحكومة من العمل وتحاولون أيضا أن تظهروا مظهر الضحية فيما نحن ضحية سياسة التعطيل، لذا فإنني أنا من يتحمّل مسؤولية القرار ولا بد من طرح موضوع الانتاج الزراعي" فأيّدته أكثرية الوزراء. وبعد ذلك رفع الرئيس تمام سلام الجلسة لتنتهي هذه المؤسسسة بالفشل والتعطيل مرة أخرى .

إن إرادة التيار الوطني الحر وداعميه في التعطيل تأتي لدوافع سياسية معروفة تبدأ بالملف الرئاسي والتعيينات وتنتهي بتعنت العماد عون وإصراره على مطالبه حيث قال في مقابلة له نشرت اليوم على صفحات جريدة السفير : "الشراكة وإلا 60 سنة على الرئاسة والدولة " ما يشير الى مزيد من التصعيد يلجأ إليها التيار الوطني الحر في محاولاته السياسية لفرض رغباته في الرئاسة والتعيين ومعالجة القضايا السياسية الاخرى .

ومع المواقف المتشنجة للتيار الوطني الحر لا يخفى أيضا أن بقية التيارات السياسية في لبنان لم تتحمل مسؤولياتها في تقديم الحلول المناسبة للأزمة وبات كل حزب أو فريق يحمل خياراته ويناور بانتظار كلمة السر التي تأتي من الخارج ، هذا الخارج الذي بات لبنان في آخر أولوياته نظرا للاحداث المتسارعة في المنطقة والتي لم تستطع بعد أي دولة مواكبتها سياسيا نظرا لتسارع هذه الاحداث وخروجها عن المتوقع في كثير من المنعطفات والمحطات السياسية .

وبالمحصلة فإن ما جرى في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس هو محاولة جديدة للإستمرار في تعطيل المؤسسات الدستورية وهو دليل إضافي على أن الحياة السياسية في لبنان باتت مهددة بصيغتها السياسية الكاملة من خلال عجز جميع الفرقاء من تقديم الحلول والتنازلات من جهة ومن جهة ثانية إرتهان التيارات والأحزاب السياسية للخارج وانتظار المعطيات التي تخرج بها الملفات السياسية الخارجية التي تبدا بالملف النووي الإيراني وتمر بالعلاقات السعودية الإيرانية ومن ثم بالملف السوري وغيره من ملفات المنطقة .

هذا هو لبنان وسيبقى ساحة لتصفية الحسابات الأمنية والسياسية في المنطقة والإنتظار سيد الموقف فهل سيقضي هذا الإنتظار على ما تبقى من مؤسسات الدولة ؟؟؟