أحاسيس ومشاعر متفاوتة ومتقلّبة تنتاب الرجل والمرأة في حياتهما الثنائية. ولكي يكون كل شيء على ما يرام؛ من المهم للشريكين معرفة التحكم بالمشاعر والتعامل معها وضبطها، وخصوصاً الشعور بالإحباط. كذلك من المفيد والضروري عدم التقليل من أهمية تأثير الحياة الجنسية غير المُرضية وغير المُشبعة كونها تشكل أحد المسبّبات الرئيسية للإحباط، والإجهاد، والقلق، مما يؤدي إلى عدم التفاهم وعدم الصبر والتوتر الدائم بين الشريكين…

أسئلة كثيرة تراود أذهاننا في هذا الخصوص:

ما هو الصواب، هل على كل شريك في الثنائي الإهتمام بمشاعره الخاصة فقط، أو عليه الإنشغال بمشاعر الشريك الآخر أيضاً؟

هل يعود للرجل وحده التعامل مع الإحباط واليأس الذي ينتابه شخصياً أو الذي تعانيه شريكته؟ أم على المرأة الإهتمام بمشاعر الرجل؟

تتذمّر المرأة بأن الرجل لا يعاني الآماً ومشكلات متعددة التي تصيب جهازها التناسلي كالتشنّج المهبلي وإلتهاب الفرج على سبيل المثال. كما أنه لا يضطر إلى الدخول في حلقة لا نهاية لها من الإستشارات الطبيّة، إن للأمراض النسائيّة أو الجلديّة أو العلاجات الفيزيائيّة على أنواعها. كما أنه لا يعاني آلاماً جسدية ومشكلات الحمل والولادة والرضاعة ومترتباتها على الجسد.

فقد تنتابها رغبات مبهمة تشعر بأنها غير قادرة على التعبير عنها، والأمر سيان بالنسبة الى الرجل. إحباط متبادل لدى الإثنين. يتساءل كل منهما ويُخيّل إليه أنه هو وحده من يعاني تلك المشكلات (الإحباط) وغيرها من الإضطرابات النفسيّة.

يحاول الثنائي عادة التوصل إلى حلول مخفّفة لمشكلاته القائمة في إنتظار حل نهائي وذلك من خلال تمضية وقت ممتع معاً، إلاّ أنهما غالباً ما يرفضان مسألة التعامل مع مشاعر الشريك وتعقيداته النفسيّة والإهتمام بها، بحيث يتنصلان من مواجهة مشكلات كل منهما لمشكلات الآخر وتفهمها. فكل منهما يكاد يعتبر نفسه قادراً على الإهتمام بمشاعره وأحاسيسه ومشكلاته الخاصة، والتي هي بنظره أكثر أهمية وأكثر تجذراً من تلك التي يعيشها الشريك بحيث يُقر كل منهما لنفسه بأنه تعب وجاهد لضبطها بغية السيطرة عليها كي لا تدمره.

ولا بد من التذكير مجدداً بالدور المحوري الذي يؤديه التواصل بين الثنائي. فالتعبير عن المشاعر، والمشاغل، والرغبات، والمخاوف، والبهجة، والفرح واليأس من جهة، وسؤال الشريك عن المشاعر والأفكار والرغبات التي تنتابه من جهة أخرى، فضلاً عن التطرق إلى موضوع المشكلة وتبعاتها، فكلها أمور في غاية الأهمية.

لا تترددوا في مكاشفة الشريك

إحاطة الشريك بما يحصل معنا وبما نشعر به هو خيار سليم ومفيد للغاية، لذا علينا عدم التردد في إطلاعه على آلامنا والمعاناة التي نمر فيها. والحقيقة هي أنه من الصعب جداً على الرجل الإنتباه والتعرف إلى المشكلات النفسية التي تعانيها المرأة في حال قامت هذه الأخيرة بكل ما في وسعها لإخفائها. عليهما التحدث عن كل الموضوعات وطرح جميع المشكلات والتساؤلات غير المعترف بها.

كما يصعب على المرأة أيضاً معرفة ما يحصل في رأس الرجل والتكهّن بما يجول في خاطره من مخاوف وقلق، مما يؤدي به إلى عدم الثقة بالنفس والإحباط وقلق الأداء وغيرها من المشكلات الجنسية – النفسية التي لا يفلح في الخروج منها. ولكن لو تحدثنا بصراحة عن معاناة كل منهما، وفي حال كان إهتمامهما وحبهما صادقين، لن يطلب أحدهما من الآخر إرضاء رغباته الجنسية وتجاهل معاناة الشريك نفسية كانت أم جسدية. كذلك على الشريك ألا يشعر بصدمة أو إحراج إذا وجد شريكه يمارس العادة السرية والإستنماء أو إذا علم بأن الشريك يبحث عن إرضاء وإشباع رغباته خارج إطار الثنائي. لا ينفع اللوم بل من الأجدى تفهم أن ما يقوم به الشريك ليس سوى إجابة خاطئة عن سؤال صحيح.

حياة جنسيّة مرضية

فهم مشاعر الطرفين أمر مهم في الثنائي حتى لو كانت بعض المشكلات والإضطرابات تحول دون التمتع بحياة جنسية مُرضية. فمن الطبيعي أن نفكر في الشخص الذي نحب ونضع أنفسنا مكانه ونتساءل عمّا كنا لنقوم به إن كان الشريك يعاني مشكلة جنسية. هل نحن مستعدون للإنتظار عشر سنوات لتعود الأمور إلى طبيعتها، إذا عادت؟

كذلك لا يغفل عنا وقع حياة جنسية مُرضية على حياتنا وتصرفاتنا اليومية.

قد يسود عدم التفاهم والتواصل بين الثنائي، لذا من المجدي في هذه الحالة وحالات أخرى أيضاً، اللجوء إلى إستشارة طرف ثالث، إختصاصي، ضليع بهذا الشأن. قد يكون العلاج النفسي الفردي لكل شريك على حدة أو للثنائي معاً، ذا منافع جمّة بالنسبة الى الشريكين. فقد تسنح للرجل والمرأة فرصة عرض وجهة نظرهما، ومعاناة وآمال ورغبات كل منهما.

التخلي عن الأفكار المكتسبة والصورة السائدة عن هذه العلاجات والتي نشاهدها في الأفلام السينمائية ونقرأ عنها في المجلات، أمر ضروري. والأهم هو الإبتعاد من آراء أشخاص غير مؤهلين وغير معنيين… وأترك لكم أعزائي القراء عناء التكهن بهوية أولئك المدعين وغيرهم!

العلاجات النفسيّة مفيدة للغاية ولن يخرج منها الثنائي إلاّ أكثر قوة ومتانة؛ إعادة الأمور إلى نصابها بين الشريكين تكون أسهل مما نتخيّل. شرارة صغيرة قادرة على فتح الأبواب مجدداً بين الشريكين.

عدم الإنقطاع التام عن القيام بأي عمل جنسي له أهمية توازي أهمية التواصل بالنسبة الى استمرار الثنائي. فالعمل الجنسي بمجمله لن يكون مُرضياً بالتأكيد ما دمنا لم نواجه المشكلات التي تعترضه ونتوصل إلى حل لها.

إن إنزواء كل شريك على نفسه وتجاهل أي شكل من أشكال العمل الجنسي من أكبر الأخطار التي تواجه ثنائي يمر بمشكلات جنسية فهو يؤدي إلى تفاقم هذه المشكلة عوضاً عن حلها، فضلاً عن أنه يسبّب معاناة كبيرة بالنسبة الى كلا الشريكين. إلاّ أن الثنائي قادر على الإستمتاع بحياة جنسيّة محبّبة و تجربة أمور أخرى رغم بعض الأفكار المسبقة والضغوط المرحلية الأخرى التي قد توحي بأن هذا الأمر غير ممكن.

من منا لا يعرف الوقع والأثر الإيجابي للرضى الجنسي على حياتنا اليومية حتى بالنسبة الى أولئك الذين لا يعانون مشكلات تذكر، فما بالكم بالنسبة الى الثنائي يمر بمرحلة عصيبة. لن يزيدهما الأمر إلاّ تقارباً وحباً، ولن ينفع الإستسلام لأن الأمل موجود دائماً.