ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة الذي وصل الى دمشق، هو غير دي ميستورا في الزيارات السابقة. لم يعد يتباحث مع المسؤولين السوريين وهو على يقين بأنهم لا يسمعونه، لأنهم متأكدون «من أن الرئيس بشار الأسد باق الى الأبد وأن الحل يكون به ومعه أو لا يكون». دي ميستورا أمسك بالتغيير الحاصل ميدانياً حيث الأسد لا يسيطر على أكثر من عشرين في المئة من الأراضي السورية وسياسياً حيث القوى المعنية بسوريا ومستقبلها أدركت مهما مانع البعض منها «أن الأسد أصبح خارج الحل»، لذلك قال «هناك حاجة ماسة الى تسوية سياسية شاملة تكون ملكاً لكل السوريين وتتمثل بقيادة سورية». «الرسالة» وصلت بأن «القيادة» تعني لا أسد.

السؤال سيشغل مسؤولي السبعة الكبار «ما هي الخطوة التالية لما بعد الأسد؟« خلال قمتهم لم تكن الإجابة جاهزة. لكنها أصبحت على طاولة البحث. 

يجري التركيز الدولي وخصوصاً في واشنطن وموسكو، على صوغ اجابة عن سؤال آخر وربما أهم بالنسبة إليهما: «ماذا لو حصل انهيار مفاجئ للأسد ونظامه». موسكو معنية أكثر من واشنطن بالإجابة عن هذا السؤال، لأن «يديها في النار السورية». الخوف من اندفاع «داعش» الى قلب دمشق يُقلق موسكو وطهران والى حد ما واشنطن.

احتمال أن يندفع الأسد باتجاه إقامة «الولاية العلوية» لتضم العلويين الخائفين، والسنة الهاربين مقلق جداً. الحرب لن تنتهي، لأن «داعش» و»النصرة» لن تتوقفا وتكتفيا بما سيطرتا عليه. عامل الثأر والانتقام قوي جداً عند السُنة. القوى العظمى خصوصاً الروس والأميركيين سيكونون مدعومين للتدخل لحماية الأقليات.

أخطر ما في المواجهات المقبلة، أن تعمل «داعش» و»النصرة» لكسر «الولاية العلوية» في حمص والقصير ليكون ما سيحصل كارثة حقيقية للبنان و»حزب الله». برغم خطورة كل الاحتمالات، فإن موسكو «تتريث» وتفضّل» اتضاح أي تحرك» مع واشنطن. ما يساعدها في ذلك أنه «لا تناقضات عميقة بينهما حول الشرق الأوسط». واشنطن وموسكو مهتمتان بالصين والدول الآسيوية. الشرق الأوسط لم يعد يحتل المرتبة الأولى في الاهتمامات الاقتصادية.

يجب متابعة تركيا «السلطان اردوغان»، الذي تلقى «صفعة ديموقراطية» قوضت الكثير من أحلامه، وجسدت «الكابوس» الكردي القومي. لو كان أكراد أوجلان متفقين مع أكراد البرزاني في العراق، لاكتمل «المقص» الكردي، وعاشت تركيا مرحلة سايكس ـ بيكو التي لم تطلها في حين انها تهددها الآن بقوة واضحة.

تبقى إيران، العقدة الكبيرة. حتى الآن لا يمكن الحديث عن ماذا تريد إيران في سوريا ومن الأسد؟ يجب انتظار توقيع الاتفاقية النووية، إيران ما بعد الاتفاق ستكون إيران مختلفة. طموحات إيران لن تتغير. السؤال هل وكيف ومتى ستغير وسائلها؟ لا حل في سوريا، من دون إيران، يجب أن تقتنع طهران، أنه لا يمكنها الانتصار بالأسد، وأن سقوط الأسد لا يعني سقوطها. الإيراني قادر على التفاوض، فقد أثبت قدراته في المفاوضات النووية. يجب أن تعرف طهران أنها فتحت أبواب «جهنم« الصراع المذهبي الكامن منذ 1400 سنة، وأن عليها الاسراع في رأب الصدع. 

الوقوف على خط الصدع البركاني مختلف جداً عن دفع الآخرين إليه!!

فالسُنة خصوصاً في سوريا هم «المجروحون» من التدخل الإيراني المباشر الذي بلغ قمته في تقديم الجنرال قاسم سليماني نفسه من سوريا وكأنه «صلاح الدين» الذي سيُعيد تحرير القدس بعد بغداد ودمشق.