هي قضية عنف تعانيها نساء لبنانيات كثيرات، تعرضن لكل انواع العنف، من الضرب الى الحجز الى مصادرة حقوقهن في الحياة الزوجية. لكن أن يكون الزوج المعنف لزوجته محمياً ويسلبها كل حقوقها ويترك أولاده مرميين، ليعيشوا عند اهلها خوفاً، فتلك مسالة تستحق روايتها. فالزوج محمي أمنياً ودينياً عدا عن السطوة التي يفرضها أقرباؤه، بحيث ان الزوجة فضلّت السكوت والسير من طريق القانون لأخذ حقوقها، على رغم كل ما تتعرض له هي وأهلها وأولادها للتنازل عن حقوقها له.

هو وهي في مقتبل العمر، من منطقة في الأطراف، ويعيشان في بيروت. هو يعمل في جهاز أمني وهي تعمل في شركة. تزوجا ورزقا بثلاثة اولاد، وتمكنا من شراء منزل سجل بإسمهما معاً وبقرض مشترك. ولديهما ايضاً حساباً مشتركاً للصرف وسداد القرض. كانت المرأة تتعرض لكل اشكال العنف، لكنها كانت تسكت لاسباب عائلية ودينية ومخاوف اخرى. ثم بدأ العنف ترتفع وتيرته وخلافات أمام الأولاد الصغار، ورفض الزوج الصرف على المنزل وحاجاته، ليتبين ان كل المال بما فيه حسابهما المشترك قد صرفه على رغباته، بعد ان تعرف على امرأة تصغره بـ15 سنة. وفي ليلة وفق رواية الجيران في الحي، عادت الزوجة مع أولادها وكانت في زيارة لأهلها، لتجده مع عشيقته الجديدة في المنزل، فنشب عراك معها وكاد يخنقها لولا تدخل البعض وإخراجها مع أولادها من المنزل. وثقت الحادثة والتقطت صور للمرأة تظهر بصمات اصابع الزوج على عنق المرأة ورقبتها واحمرار وجهها وتورمه جراء الضرب المبرح، لكنها لم تستطع تقديم شكوى مباشرة بسبب موقعه الأمني وقدرته على النفاذ من جريمته في الوسط الديني الذي ينتمي اليه، ومكانة عائلته. عندها عادت الى منزل اهلها، بالرغم من ان نصف المنزل بإسمها.

ومنذ ذلك الوقت بدات المعاناة. لا نفقة لأولادها ولا مساعدة، حتى اقساط المدارس لم يدفعها الزوج، فيما حسابهما لمشترك فارغ تماماً. تقدمت بدعوى الى المحكمة الشرعية، مطالبة بحقوقها وحقوق أولادهان وهي التي تعيش عند اهلها اليوم، بالرغم من أوضاعهم الصعبة. واكتشفت ان الزوج كان تزوج من عشيقته الجديدة وأسكنها في منزلهما، فلم تعد قادرة على العودة الى المنزل ولها حق في الاثاث والتجهيز أيضاً، فقررت السير في الدعوى الى النهاية طلباً للطلاق ونيل حقوقها مع رعاية أولادها. ورغم كل جهودها بمساعدة اهلها لم تتمكن من الحصول عل شيء، ولا حتى نفقة لأولادها أو مساعدة لتربيتهما، وترافق ذلك مع تهديدات يومية لها ولأشقائها ولأهلها كي تتنازل عن حقها في المنزل، فيما الزوج لا يلتفت لأولاده نهائياً، وهو مستمر بعمله ومحمي أمنياً ودينياً وعائلياً. فتراوح الدعوى مكانها فيما حياة المرأة تنزف مع أولادها، ولا من يسمع او يتحرك لحل القضية.

هذا ما حصل حقيقة مع المرأة المعنّفة. لا اسماء ولا حتى الحروف الأولى مذكورة في هذه القضية، بسبب المخاوف على حياتها. وهذا ما يطرح علامات استفهام كثيرة عن الحمايات الأمنية والدينية وعمل المحاكم الشرعية. فاي قانون يلحظ هذه التعديات على حقوق المرأة؟.