“علينا الصمود طويلاً، “علينا الوصول إلى المتعة”، “علينا أن نستمتع معاً”، “على الرجل أن يكون جامحاً، شرساً، ذكورياً”، “على الشريك أن يكون شاعرياً، لطيفاً”، عليه، علينا، عليه، علينا”… ليس من المستغرب في هذه الحالة أن يشعر عشرون في المائة من الرجال والنساء بالقلق الشديد حيال أدائهم الجنسي.

قلق الأداء الجنسي مسؤول عن العديد من المشكلات الجنسية. هو من أهم تعقيدات المجتمع المعاصر؛ يتزايد عدد الأشخاص الذين يُقرّون بأنهم يشعرون بالقلق حيال أدائهم الجنسي. أسباب عديدة تقف وراء هذا الشعور. صحيح أن في طليعة هذه الأسباب، أن التشخيص أصبح أسهل من ذي قبل حين كان التكتم الشديد يحوط المشكلات الجنسية والنفسية. وصحيح أيضاً أن إهمال الحياة الجنسية كان سيّد الموقف إجتماعياً. هذا عدا عن كون قلة من النساء كُنّ يطالبن عالياً وقوياً بحقهن في الإستمتاع الجنسي. لكن الأمور تغيّرت ومن الواضح أننا في حياتنا المعاصرة نطمح جميعاً إلى بلوغ الرضى والإشباع الجنسي كون التحرّر الجنسي أصبح من بديهيات مجتمعنا المعاصر. في حين أن إنتشار الصور والمواد الإباحية يُشكّل عاملاً مضللاً بحيث أصبح الفعل الجنسي بحد ذاته تحدّياً علينا خوضه، وكمعيار لنجاح حياتنا الجنسية أصبحت الرعشة لدى المرأة والقذف لدى الرجل فرضاً واجباً. في السابق، لم يكن يوماً الأداء الجنسي الذي نتوخّاه على هذا القدر من الأهمية.

مستويات عالية

عندما نترقّب حصول أي نوع من المشكلات خلال العمل الجنسي، ينتابنا إحساس بالقلق وهذا ما نُسمّيه قلق الأداء. بطبيعتنا لا يمكننا القيام بأي عمل جنسي كامل وناجح عندما نشعر بالقلق أو عندما نكون في عجلةٍ من أمرنا أو عندما لا نكون مستعدين جسدياً ونفسياً وعملياً لخوض العمل الجنسي. تكويننا الطبيعي لا يسمح لنا عندما نكون مشغولي البال أو مضطربين أو مهمومين، أن نحقّق مستويات جيدة في أدائنا الجنسي حين ينتابنا القلق. ومصدر القلق عادةً ما يكون مصدره الخوف والتخوّف.

يفرض علينا المجتمع الإستهلاكي مفاهيمه التنافسية التي تحثّنا على القيام بالمزيد الآن وحالاً للحصول على المتعة الفورية. الجنس المتحرر يلاحقنا في كل مكان وبجميع أشكاله، لذا علينا معرفة آلياته وتقنياته للحصول على المتعة القصوى. هذا عدا عن المفهوم السائد عن معايير الجسد المثالي الذي لا يعرف الشيخوخة. فالنتيجة: مخاوف من التصرّف بشكل سيئ وعدم الكفاءة وحتى الإصابة بالعجز. تمجيد المتعة والمهارة هذا يشكّل عائقاً أكثر منه عاملاً محفّزاً بالنسبة الى الرجل كما للمرأة. وكلما رغبنا في القيام بأفضل ما لدينا والإرتقاء إلى مستوى توقعات الشريك، يدفعنا ذلك إلى قلق حول الأداء الجنسي. هذا القلق من عدم إرضاء الشريك نتيجته الخوف من الفشل والتخوّف من نبذ الشريك لنا وتخييبنا لآماله.

كلما إزداد الخوف، كلما كان أداؤنا أسوأ (الحلقة المفرغة). من الواضح أن القلق له وقع سلبي على أداء الرجل والمرأة، إذ يتحوّل العشيق ممثلاً يصبّ إهتمامه على نفسه حصراً عوض المشاركة. تشغله أفكار ذات طابع ميكانيكي أكثر منه “إيروتيكي” وخيالي، ويحاول التحكّم بنفسه بدل إطلاق العنان لأحاسيسه والإنغماس فيها. لذا، غالباً ما يؤدي القلق إلى مصاعب جنسية يكون المسبب الوحيد لها أو يساهم على الأقل في إزدياد حدتها.

أشكال مختلفة

كُثرٌ هم الرجال الذين يعانون قلقاً حيال الأداء الجنسي. يتّخذ هذا القلق أشكالاً مختلفةً للغاية:

– لا يتمكّن الرجل من الحصول أصلاً على إنتصاب كامل ومُرض.

– ينجح في الحصول على إنتصاب ولكنه يفشل في المحافظة عليه حين يكون على وشك القيام بأي عمل جنسي.

– يفقد إنتصابه خلال العمل الجنسي.

ما يحدث عادة هو تركيز الرجل على قذفه، مهملاً المتعة التي ترافق العمل الجنسي بأكمله، أو اعتباره أن حجم القضيب هو أساس المتعة التي يقدمها للشريك، وهو اعتقاد سائد خاطئ تُروّج له الأعمال والمواد الإباحية بشكل كبير. وهذا الاعتقاد ليس بالجديد، إنما يعود إلى عصور قديمة بحيث كان القضيب – ولم يزل – رمزاً للرجولة، مما يعني أن حجم العضو الذكري هو من أوائل أسباب قلق الأداء الجنسي. “هل هو صغير الحجم؟”. للتأكد من ذلك، يعمد الرجل إلى مقارنة عضوه مع الغير. يُستغلّ هذا المعتقد لأغراض تجارية من دون مواربة لتسويق منتجات و/أو طرق لإطالة وتكبير حجم القضيب وجميعها غير ذات فائدة.

أما لدى النساء، هذا الخلل الجنسي لا يُطلق عليه غالباً إسم قلق الأداء الجنسي. وإنما يُشار إليه بإنعدام النشوة الجنسية أو اللاإيغافية أو اللانشوة أو عدم القدرة على الوصول إلى الرعشة أو التشنّج المهبلي: عدم القدرة على، أو إستحالة عملية الولوج. عندما تشعر المرأة بالقلق، تنقبض عضلاتها المهبليّة وتتشنّج. لذلك بالتأكيد، يؤدي القلق دوراً في الأداء الجنسي للنساء.

لا شك في قلق الأداء الجنسي قابل للمعالجة. وللتغلب على هذا التخوّف في الأداء، علينا محاولة فهم مكمن الضعف الشخصي الذي يتسبب في ظهور هذا القلق. فالعلاج السلوكي النفسي أولاً للطرف المعني ومن ثم العلاج الثنائي – أي للشريكين معاً- والعلاج النفسي التحليلي، تُمكّن الثنائي من التغلب على مواطن الضعف.

كثرٌ هم الأشخاص الذين يختارون إستشارة إختصاصي حول مشكلاتهم الجنسية ذات المنشأ النفسي للتركيز بشكل أفضل على العلاقة والتجارب الحسّية التي يمكنهم الحصول عليها عوض الهدف النهائي: الإهتمام بالآلية عوض المنتج!