من نافلة القول أنّ هناك توافق دولي إقليمي يشكل مظلة واقية للبنان تقيه ضرر النيران المشتعلة من حوله وتحول دون إنزلاقه في حروب أهلية رغم اتساع هوة الخلاف بين أفرقاء الصراع فيه حول الكثير من الملفات .

إلا أنّ هذا التوافق لم يشكل فرصة مثالية للبنانيين للإستفادة منه والمبادرة إلى إيجاد حلول للأزمات والمشاكل المتراكمة والتي تتفاقم يوماً بعد يوم .

وبالتالي المسارعة إلى إنجاز بعض الملفات التي تهدد الصيغة الميثاقية وفي طليعتها يأتي ملف انتخابات رئاسة الجمهورية .

فعندما إنطلقت مسيرة الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل أعتقد الكثير من اللبنانيين أنّ الحوار سيؤدي إلى إتفاق لإنتخاب رئيس للجمهورية لكن تبين أنه اقتصر على تهدئة الأجواء المتوترة بين الطرفين حرصاً على إستمرار الأمن والإستقرار في البلد ، كأولوية لبنانية ودولية . 

وكذلك عندما بدأ الحوار بين حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ظن كثيرون أنه سينتهي إلى إتفاق على انتخاب رئيس للبلاد ، إلا أنّ هذا الحوار توصل إلى إتفاق على كثير من الأمور التي وردت في إعلان النوايا ولم يتوصل إلى إتفاق لإنتخاب رئيس للجمهورية بسبب إصرار العماد ميشال عون على أن يكون هو المرشح الوحيد من دون سواه وإلا فلا نصاب لأي جلسة انتخاب ، فبقي هذا الاستحقاق في الصندوق الذهبي .

من الواضح أنّه ليس مطلوباً في الوقت الراهن في لبنان سوى إستمرار الأمن والإستقرار وتجنب البحث في كل ما من شأنه أن يزعزعهما بمَ في ذلك الانتخابات الرئاسية ، وكل الملفات الخلافية كسلاح حزب الله ومشاركة الحزب في الحرب السورية .

فإستمر الحوار تحت مقولة ربط نزاع بإنتظار اتفاق عربي وإقليمي ودولي على أيّ لبنان سيكون وأي رئيس له سيكون .

وعليه فالمطلوب أن يبقى البلد بعيداً عن كل ما يمكن أن يثير أي فتن داخلية وأن تتعاون القيادات اللبنانية على إختلاف اتجاهاتها السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية على الإستمرار في المشاركة في أعمال الحكومة وفي عمل مجلس النواب ولو في حده الأدنى بإنتظار موعد الحل للأزمة في لبنان ، إما بمعزل عن حل كل الأزمات في المنطقة وإما بالتلازم مع حل شامل لها حيث يتم الإفراج عن الإستحقاق الرئاسي بعد تحريره من كيس الأزمات الإقليمية.

وخلال فترة الإنتظار ينبغي العودة إلى جلسات مجلس الوزراء كي تقر فيها المشاريع وتتخذ فيها القرارات التي تهم الوطن وترتبط بالحياة اليومية للمواطن ، ولا تحتاج الموافقة عليها إلى إجماع بل إلى أكثرية خصوصا تلك التي لها علاقة بمصلحة الشعب .