لم يعد التعبير عن المشاعر ، بضحكة صاخبة ، ولا بدموع تذرف ، ليتحول الإنسان إلى شيء جامد يرسل مشاعره الكترونياً ، نعم هي الايموشن أو السمايل ، والتي نستخدمها بكثافة في كافة محادثاتنا ، إن في النت أو الواتسأب  أو المسنجر و و و ...

فهذه التطبيقات لم تسرق منّا فقط الحياة الإجتماعية ولغة التخاطب المباشرة بل برمجت مشاعرنا بوجوه مختلفة تخبر الأخر ـ ما أشعر به الآن !

 

إلا أنها خادعة في كثير من الأحيان ، بل في أغلبها ، فكم من مرة أرسلنا وجهاً مدهوشاً  لشيء نعلمه مسبقاً ولا يمثل لدينا عامل المفاجأة ، وكم من مرة ادعينا التعب أو البكاء أو حتى الفرح ، وفي الواقع حالتنا الحقيقية مغايرة تماماً وربما مناقضة .

ببساطة ، الايموشن يسهل علينا اتخاذ الحالة التي نريد من المشاعر دون أن يذهب الآخر للتشكيك ـ فالوجه الباسم يعني أني فرح (ويسترجي حدا يقول غير هيك ) ، الايموشن لا يكذب !

 

طبعاً ، هو لا يكذب فهو مجرد وسيلة نحن نعتمدها ، وسيلة تعبير تغيب بها لغة العيون التي تكشف ما بأعماقنا ، وتغيب بها الحالة الإنسانية الجسدية التي تعكس مضامين المشاعر الحقيقة ...

لنتساءل هنا ؟

هل أصبحت مشاعرنا رقمية ؟

وهل أصبحنا غير قادرين على التعبير "وجهاً لوجه" ؟!

 

للأسف ، نعم ، فكثير من المواقف أصبحنا نلجأ لمعالجتها الكترونياً نظراً لسهولة التعبير ونظراً لعدم إمكانية الآخر على التشكيك بإنفعالاتنا ، حتى أصبنا بعجز إجتماعي وتقصير في التعبير الفعلي والمباشر  ....

 

والأمر لم يتوقف هنا ، بل أصبحنا نحن نختصر الإنطباع الكلي عن ذاتنا بإيموشن ، إذ أصبح لكل منّا سمايل يلتصق به و يعبر عنه بشكل مستمر ومتوالي  ، فالأشخاص الذين يتفاجأون من أي حدث كان يختارون الوجه "المدهوش" ويرسلونه دائماً في مختلف المحادثات ، في حين  "النيقة" من الناس يختارون وجه " الي مش عاجبه عجب " لأنهم وببساطة ( لا بيعجبهم عجب ولا صيام برجب ) ، وهكذا دواليك ...