الشرخ ضمن الطائفة الشيعية، بات ملموساً. يمسك "حزب الله" بأغلبية الطائفة، إلا أن من هم خارج عباءته ينظرون بعين الريبة الى تحركاته في لبنان وسوريا، والى المصير المحتم الذي يجر الطائفة الشيعية إليه.

من الواضح أن الشارع الشيعي المعارض لـ"حزب الله"، بات يعبر أكثر عن نفسه وعن توجهاته، في مواجهة سياسة التعبئة التي ينتهجها "حزب الله" ضمن الطائفة الشيعية، والتي لا تستثني الحلفاء في حركة "أمل".

عندما حذر الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ما يسمى بـ"شيعة السفارة"، قيل أنه لا يقصد الخصوم فقط، بل أيضاً حركة "أمل" التي أظهرت بوضوح تمايزها عن الحزب سورياً، وعربياً، وإن كانت تحتفظ بالكثير من خطوط الوصل، التي تسمح لها بالبقاء في الجهة الرمادية.

ليست مواقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة وحدها ما يبرز التباين بين "حزب الله" وحركة "أمل". الشارع الذي تماهى إلى حد كبير تحديداً منذ العام 2006، بعد عدوان تموز، بدأ يعيد حساباته. وفي البقاع بات الشارع التابع إلى "أمل" منقسماً على نفسه بين من هو متماهٍ كلياً مع "حزب الله" وخياراته، وبين من بدأ يرفع الصوت.

لا تخفي أوساط حركة "أمل" في البقاع خوفها من الفتنة التي قد تمتد إلى قرى بعلبك، في حال حصول أي تحرك عسكري تحت ستار العشائر في وجه عرسال، بعد أن أعلن تشكيل "لواء القلعة"، كستار ولو إعلامي لتحرك "حزب الله".

في حديث قادة "الحركة" في البقاع، كثير من التروي، مقارنة مع خطاب قادة "حزب الله". بسهولة يمكن تلمس أولويتهم التي تبدأ بلبنان، على عكس أولوية قادة "الحزب" التي تبدأ بمحور الممانعة وتنتهي بالدفاع عن الطائفة.

مؤخراً، إرتفعت في أوساط "الحركة" في البقاع المخاوف من جر قرى بعلبك إلى فتنة مذهبية، بين عشائر البقاع وعرسال، يمكن أن تنسحب حرباً مذهبية إلى مناطق أخرى كطرابلس وبيروت، وقد تكون شرارة حرب تذكر ببوسطة عين الرمانة، ولكن بنسخة بقاعية منقحة.

خوفاً من الفتنة أيضاً، يسارع قادة الحركة الى نفي أي صلة لهم بـ"لواء القلعة"، تماماً كما النفي الحازم الذي أصدره بري رداً على بعض الصور التي إنتشرت قبيل معركة القلمون لعناصر وآليات ترفع علم "أمل"، وتستعد للمشاركة في المعركة.

مصدر رفيع في الحركة، يؤكد عبر "المدن"، أن ما يسمى بـ"لواء القلعة" الذي تبناه بعض من أبناء العشائر، لا علاقة له بـ"أمل"، ولا يوجد أي دور عسكري أو تنظيمي للحركة في هذا الإطار، كما أنه لا دور للحركة في أي عملية تجييش ضد عرسال.

في أوساط "أمل" بقاعاً، خوف من أن يلجأ "حزب الله" إلى نسب أي عمل ضد العراسلة إلى العشاير، لكنهم في المقابل، يراهنون على دور الجيش اللبناني، الذي يحكم السيطرة على المنافذ المؤدية إلى عرسال، آملين أن يؤدي ذلك إلى إبعاد شبح الفتنة عن قرى بعلبك، خصوصاً أن الوضع عموماً مسؤولية القوى الشرعية ممثلة بالجيش وقوى الأمن الداخلي.

ينطلق قادة "أمل" في البقاع في رفض الفتنة وتوريط العشائر من مواقف الإمام موسى الصدر. أحدهم يذكر بأنه عندما قرر البقاعيون عام 1975 الهجوم على بلدتي دير الأحمر والقاع، المسيحيتين، قال الصدر عبارته الشهيرة: "مَن يطلق رصاصة على دير الأحمر كأنه يطلقها على صدري ومحرابي وعمامتي".

نصرالله يفصل عرسال عن جرودها

في سياق متصل بتطورات البقاع وعرسال، خرج الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في خطاب جديد خلال إحتفال لكشافة "المهدي"، أكد فيه أن "الحزب ليس بصدد الدخول إلى بلدة عرسال وهي مسؤولية الجيش والدولة"، مشيراً إلى "الخصوصيات الموجودة في البلدة"، وإلى أن الحزب يدركها.

وفي خطاب نصرالله، الذي خصص جزءاً منه لتطورات القلمون وعرسال، أيد التسوية التي خرج بها مجلس الوزراء في جلسته بالأمس التي صدر عنها بيان يؤكد الثقة بالجيش، اذ لفت إلى أن "مسألة بلدة عرسال خرجت من النقاش السياسي وأصبحت في عهدة قيادة الجيش اللبناني، كما حيد العشائر البقاعية عن معركته، واضعاً "خطوات التضامن" التي تجلت بالإعلان عن "لواء القلعة" في إطار "التضامن والدعم"، لأنه "لسنا بحاجة إلى مقاتلين، ونملك ما يكفي لانجاز الهدف".