مع أنّ بعض المتابعين لمجريات المعارك في سوريا يرى أنّها متجهة نحو التقسيم إلى ثلاث دويلات موزعة بين النظام ، وتنظيم الدولة الإسلامية داعش ، والجيش السوري الحر بالاشتراك مع جبهة النصرة .

إلاّ أنّ التطورات الميدانية وتقلباتها على أرض الواقع والخاضعة للموقف الدولي وللتحالفات الإقليمية ، تجعل من الصعب التكهن بمستقبل سوريا .

إذ أنّ أي من الدويلات السورية التي يبشر بها البعض تبدو غير قابلة للحياة. لأنّ كلّ منها تنقصه مقومات البقاء الإقتصادي والأمني .

لذلك فإنّ المشهد السوري يمكن وصفه بأنّه مناطق نفوذ بين قوى متحاربة ، وهي وصفة لإدامة الحرب داخل سوريا أكثر ممّ هي وصفة للحل .

وبالتالي فهي ضمان لإستمرار الرئيس بشار الأسد في السلطة تحت عنوان تفادي إنتصار فئة على أخرى أو تجنب إنهيار الدولة السورية كما حصل في العراق أو في ليبيا .

وفي هذا السياق فإنّ إيران وهي أكثر الدول  إهتماماً بالشأن السوري وإرتباطاً بنظام الأسد لما يشكله من نقطه تواصل بينها وبين حزب الله في لبنان ، فإنّها تركز كل اهتمامها وبالتنسيق مع حليفها الرئيس بشار الأسد على الدفاع عن المنطقة الممتدة من العاصمة دمشق إلى الساحل السوري مروراً بحمص.

وفي المعلومات أنّ إجتماعات جرت على خط  طهران ودمشق وبيروت ، بين مسؤولين إيرانيين ومن نظام الأسد وحزب الله جرى خلالها إقرار خطة عسكرية عاجلة تقضي بالدفاع عن هذه المنطقة.

وما رشح عن بعض تفاصيل هذه الخطة يشير إلى أنّ طهران تتولى توزيع القوى العسكرية الخاضعة لإمرتها في سوريا على ثلاث مناطق وفقاً لظروف كل منها.

أولاً  - الساحل ويقوم بمهمة الدفاع عنه ضباط إيرانيون ونخبة الضباط العلويين ويتلقى هؤلاء دعماً من القاعدة البحرية الروسية في طرطوس ، ويطمئن النظام إلى حماية مؤكدة هناك أيا تكن الصورة التي سترسو عليها سوريا في المستقبل .

ثانياً  - العاصمة دمشق التي أكدّت طهران قبل أيام خشيتها من فقدان السيطرة على مطارها العسكري بسقوطه في أيدي الفصائل المعارضة ، وفي تقدير طهران أنّ حماية دمشق تستدعي الإستعانة بخمسين ألف جندي ومقاتل إيراني وعراقي .

وفي هذا الصدد هناك تأكيد على أنّ إيران تسعى إلى تجنيد مائة ألف مقاتل لزجهم في الحروب السورية.

ثالثاً  -  منطقة القلمون التي تربط دمشق بحمص وتاليا بالساحل كما تربطها بلبنان حيث مناطق نفوذ حزب الله ، ولذلك تكتسب هذه المنطقة أهمية كبيرة وفيها يتولى ضباط الحرس الثوري مع الجيش السوري وحزب الله خوض المعارك مباشرة.

وعليه فإنّ الحزب يرى في معركة عرسال مسألة حتمية لإتصالها جغرافياً بمنطقة القلمون ولإرتباطها بالمعركة السورية المرتبطة بالصراع الإقليمي الدائر والذي يمتد إلى العراق واليمن وسائر الخليج .

 

وعليه فإنّ معركة بهذا الحجم من الأهمية والتي تشكل هدفاً في الإستراتيجيات الإيرانية في المنطقة ، فمن الطبيعي أن يتولى إدارتها رجل إيران القوي اللواء قاسم سليماني الذي ينسق مهماته مباشرة مع المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي .

وقد ظهر سليماني قبل أيام في سهل الغاب وبدا وكأنه صاحب الأرض فيما ظهر رئيس الأركان السوري علي عبدالله أيوب وكأنّه الضيف .