إن تنسيق  اللقاء "الإغريقي" بين كل من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس التيار الوطني الحر ميشال عون لم يأتِ على سبيل الصدفة ، فزيارة كهذه لا يمكن  أن تحمل طابع المفاجأة واللاتحضير ، خصوصاً وان النائب كنعان قد صرَح أن بكركي على علم بالتفاصيل ، أي تفاصيل الإجتماع "العفوي" كما يدعون  .

من هذا المنطلق ، تسقط فرضية الزيارة الغير متوقعة  ( التي كانت بكركي على إطلاع عليها سلفاً ) حيث أن الإعلام بالتفاصيل يكون قبل إعلانها لا بعد ، لذا فهي زيارة مخططة ومدروسة جيداً من الطرفين الأقوى على الساحة المسيحية .

 

من ناحية ثانية أن يولد إعلان النيات بتزامن مع تصريحات الحريري للإعلاميين في جدة  ، أيضاً ليس صدفة ، فموقف الحريري المعارض لعون ونهجه ، قابله في لحظتها التضامن العوني – القواتي ، وإن كان الحريري بالعموم لا يعارض هكذا حوار ، بل على العكس ، يحث عليه ، غير أن إجتماع الطرفين على المواضيع المسيحية ، يجعل التعيينات بهذه الطائفة بعيدة عن تواقيع الحريري والمستقبل ، فما يقرراه سيكون دون أن يدخل في أجندة زعيم المستقبل .

بل على العكس ، لعلّ الحظ الأقوى بهذه النيات هو لحزب الله ، الذي بين حواره مع الحريري بالرغم من كل الخلافات ، وبين حوار حليفه مع الحكيم ، يصبح الطرف الأكثر تأثيراً في الساحة .

 

أما هذه النيات ، فهي تضمر أكثر ممّ تظهر ، حيث اكتفا الزعيمان بإعلان عناوين عريضة لنقاط عديدة مخفية ، فكانت نيات شكلية لم ترجح كرة الرئاسة في أي الملعبين ستحقق هدفها .

ولم تحدد شيئاً سوى التفاهم على الركائز والمسلمات ، إلا أنَها أصابت أمراً واحداً وهي المبادرة التي لم يعلق عليها سابقاً الحكيم ، فالنية الثانية تضمنت عدم المساس لا بالطائف ولا بالدستور ، بمعنى أخر لا إنتخابات من الشعب ولا ترويج لها.