إن لشهر أيار بصمتين في تاريخ المقاومة اللبنانية ، بصمة نصر وبصمة عار ، فما بين أيار 2000 و 2008 ، سقط المفهوم النضالي ومفهوم السلاح الموجه للعدو الصهيوني ، لتتحول المقاومة لقمصان سود تحارب اللبنانيين في بيروت والجبل .

عيد المقاومة والتحرير هو مجد يعتز به كل مواطن لبناني ، مجد مهدت له كل الأطراف وكل الفئات وسهلّت له حالة التضامن والوحدة ، لتقطفه المقاومة بمباركة شعبية وبتهليل وطني . الجو العام الذي كان سائداً في الخامس والعشرين من أيار 2000 هو جو الوحدة ، لم يكن هناك من مطامع قائمة على سيوهيمنة ، ولا أهداف معطلة ولا تخبط في الأقاليم الخارجية ، كان المحور لبناني بحت ، والحرب لأجل السيادة والحدود ولإخراج العدو من الأرض . هذا الجو ، جعل من المقاومة ، أيقونة لكل الشعب وفخراً للبنان ولكل العرب إثر ما حققته من إنتصار ضد العدو الصهيوني ، لتصبح الشارة الصفراء قلادة يحملها الشباب والأطفال بفخر في كل عيد نصر تقديراً لما حققه الأبطال لأجل الوطن . هذه الشارة تغيبت عن كل لبنان إلا عن المعنيين (أهل الحزب والحلفاء) ، وأصبح عيد المقاومة يمر "حزيناً" ، واقفاً بين الأمجاد التي حققها بالدم والإيمان والوحدة وبين الحزب الذي شوّه كل التضحيات التي قدمت في سبيل المقاومة لأجل حسابات ضيقة .

في أيار 2008 ، إنتهى مفهوم سلاح التحرير بالنسبة للبنانيين ، هذا السلاح الذي حررَ الأرض وقبّله الشعب فخوراً ، خسر أولى رصاصاته في تموز 2006 ، حينما إتخذ "ربّ الحزب" متفرداً قرار الحرب والسلم محولاً لبنان لساحة معركة كان الشعب في غنى عن خوضها . ولم يتوقف الأمر هنا بل تابع حزب الله إستغلال وإستنزاف المقاومة وشرعيتها ، حتى تحولت هي وسلاحها لخشب ، يوم توجهت للداخل اللبناني في السابع من أيار .

وليست بمفارقة أن يكون أيار الذي حوّل المقاومة لشعار ، وجمهر حولها الشعب ، هو نفسه ، الذي أسقط القناع ، لتصبح المقاومة بمفهوم اللبنانيين الذي أهينوا بسلاحها "ميليشيا" .

غير أنّه وبالرغم من التشرذم الذي أدخلنا به حزب الله ، والذي أبدل له مفاهيم المقاومة ، ما زلنا نعتز بالخامس والعشرين من أيار ، ليظل هذا اليوم عيداً للبنان لا لأرباب الحزب وحدهم .