لا يبدو في الأفق ما يشير إلى إحتمال إنهاء الأزمة السورية ، بل أنّ هناك مجموعة مؤشرات تعطي إنطباعاً إلى احتمال إستمرار هذه الأزمة لبضع سنوات إضافية .

فالرئيس الأميركي باراك أوباما يتطلّع إلى أن يختم ولايتيه الرئاسيتين بإنجاز تاريخي هو، وكما بات معروفاً، إنهاء الملف النووي الإيراني وإعادة فتح صفحة جديدة في العلاقات الإيرانية مع الدول الغربية من خلال رفع العقوبات .

وهذه الرغبة لدى الرئيس الأميركي تعني أنّ المجال لم يعد متاحاً لأيّ إنجاز في أيّ ملف آخر ، وذلك لأنّ الوقت ضاق أمام قدرته على إضافة إنجاز آخر ، لا سيما وأنّ هناك محاولات من الكونغرس الأميركي لضبط قدرة الرئيس أوباما على التحرك في مجالات عدة .

وبالتالي فإنه إستهلك القدرة على تحرك جديّ في الموضوع السوري من خلال الإبتعاد عمّ يمكن أن يؤثر على إيران في إنهاء ملفها النووي .

وفي حديثه غداة إنتهاء قمة كامب ديفيد مع الدول الخليجية إلى محطة العربية ، أعلن الرئيس الأميركي بوضوح ( أن الحرب في سوريا ربما لا تنتهي قبل أن يغادر هو السلطة  ) ، أي بعد سنتين تقريباً وهذا ينطوي على جملة إنعكاسات ، منها أن ما جاء في البيان الختامي لقمة كامب ديفيد من أنّ الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته ولن يكون له دور في مستقبل سوريا ، لا يعني بالضرورة أنّه تعهداً أو إلتزاماً من الرئيس الأميركي بالعمل على إحياء العملية السلمية لإنجاز الملف السوري ، والضغط بإتجاه تشكيل حكومة إنتقالية لا يكون للرئيس السوري وأركان نظامه أيّ مشاركة فيها .

وحتى يعني أنّ جهود الموفد الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أو أي جهود أخرى تبدو من باب ملء الفراغ وسوف لن يكون لها أي نتيجة فعليه مرتقبة .

وعليه فإنّ الرئيس السوري بشار الأسد يستطيع أن يطمئن إلى بقائه مع إستمرار الدعم الروسي والدعم الإيراني الميداني ، ومشاركة حزب الله في الحرب إلى جانبه لمنع إنهيار نظامه من السقوط في ظل ضمانات الرئيس الأميركي وتوقعاته بأنّ الحرب ربما لا تنتهي قبل نهاية ولايته .

الأمر الذي يعني إستمرار المأساة السورية مع سقوط المزيد من الضحايا والتدمير والتهجير ، مع ما يترك ذلك من إنعكاسات على الوضع اللبناني ، تشكل تحديات يومية على كافة الصعد الأمنية والسياسة والإجتماعية والإقتصادية والمعيشة لإمكان سقوط لبنان في الفتنه المذهبية ، خصوصاً في ضوء المزيد من توغّل حزب الله في الحرب السورية ، ومع توقّع بقاء اللاجئين السوريين في لبنان لسنوات كثيرة إضافية ، مع إحتمال إرتفاع أعدادهم مع ما يعني ذلك من إستنزاف لإقتصاد البلد وتورّط البعض منهم في عمليات إرهابية .

 طانيوس علي وهبي