كلما إنتهت معركة في سوريا أو العراق ضد تنظيم داعش ، أو المجموعات المسلحة ظنّ البعض أن الحرب إنتهت وأنّ نهاية داعش وأخواتها قد اقتربت وأنّ الإحتفال بالفوز أصبح قريباً . لكن لا تمضي أيام قليلة على نهاية المعركة حتى نكتشف أننا أمام معارك جديدة ، ففي العراق هاهو تنظيم داعش يسيطر على مدينة الرمادي وعلى معظم محافظة الأنبار ويعود لتهديد الدولة العراقية مجدداً.

وفي سوريا وبموازة إنتهاء معركة القلمون بدأ تنظيم داعش معركة السيطرة على منطقة تدمر وبما فيها مدينة تدمر الأثرية ، وقد نستيقظ يوما والتنظيم يدمر هذه المدينة، في حين تتوافر معلومات متواترة عن تحضير المجموعات السورية المسلحة لمعركة جديدة حول مدينة دمشق ، وإنّ المعركة القادمة ستكون من أجل السيطرة على العاصمة السورية، كما تنتشر معلومات عن معركة قاسية في عرسال وجرودها، إضافة لمعارك أخرى تجري في معظم المناطق السورية .

إذن نحن أمام معارك متواصلة في سوريا والعراق فيما عادت الغارات على اليمن من قبل السعودية وحلفائها ، وكلّ ذلك يؤكد أن الصراع مستمر ولن تستطيع أيّ قوة حسم هذا الصراع في الأفق القريب ، بإنتظار التسويات الكبرى من قبل القوى الإقليمية والدولية ، بعد أن تصبح معظم القوى في حالة إنهاك شديد. لكن ماذا يمكن أن نفعل بإنتظار وضوح الصورة والوصول الى هذه التسويات ؟

علينا بداية أن لا نغرق في شبر ماء أو أن نظن أننا قادرون على حسم هذه الصراعات الدموية عسكرياً أو أمنياً ، فقد علمتنا تجارب الحروب في لبنان والمنطقة أنّ كل هذه الحروب لن تنتهي إلا بتدمير البلد وأنّه لا يستطيع أحد أن يتغلب على أحد ، وأنّ الحل الوحيد يكون بالتسويات السياسية ولذا يجب العمل على إنضاج هذه التسويات والبحث عن حلول سياسية عبر الحوارات بين القوى الفاعلة ولا سيما الأطراف الأساسية كالسعودية وتركيا وإيران.

فالصراع لن ينتهي لا بعد معركة القلمون ولا بعد معركة تكريت ولا بعد معركة جسر الشغور ، ونحن محكومون بالموت والقتال حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

وعلينا الآن أن نراقب ما يجري في دمشق ومحيطها ، لأن معركة دمشق قادمة وقد يكون لها دور أساسي في تحديد أفق الصراع في المرحلة المقبلة.