ليست المرة الأولى التي تُصدر فيها المحكمة العسكرية حكماً  مخففاً  بحقّ شخص ما متّهم بإرتكاب جريمة ما، حيث سبق لها أن أصدرت أحكاماً مخففة بحق عملاء لإسرائيل ، وفي مقدمتهم العميل فايز كرم الذي كان حكمه هزيلاً ومخففاً ، وعلاوةً على ذلك ، إستفاد من تخفيض السنة السجنية إلى تسعة أشهر .

 لكنّ الحكم الهزيل الذي صدر بحقّ الإرهابي ميشال سماحة كان صاعقاً وصادماً ، لأنّ ملف سماحة يتضمن أدلّة دامغة ومسجّلة بالصوت والصورة يتحدث فيها عن العبوات والأهداف ويسمي الأشخاص المستهدفين بالأسماء، وأكثر من ذلك، إعترف سماحة بعظمة لسانه بكلّ ما نسب إليه وبكل ما ورد في التسجيلات، وعلى الرغم من كلذ هذه الأدلة الدامغة، حُكم عليه بأربع سنوات ونصف فقط لا غير.

هذ التساهل مع الإرهاب من قبل المحكمة العسكرية، سيكون له إنعكاسات خطيرة على الأمن والإستقرار في لبنان، وسيزيد من حدّة الإنقسام في المجتمع اللبناني المنقسم أصلاً، حيث تبيّن بما لا يرقى إليه الشكّ بأنّ هناك فريق سياسي أساسي في لبنان ينتمي إليه الإرهابي ميشال سماحة، لا يتورّع عن قتل كل من يختلف معه بالرأي وعن سابق تصوّر وتصميم، وظهر من خلال فيديو سماحة بأنّ التحضير لقتل الناس الأبرياء والخصوم السياسيين هي عادة قديمة عند هذا الفريق وتطبخ على نار حامية وبأعصاب باردة، وليس في غرف سوداء، بل في صالونات فخمة ومضاءة مع مازة ومشروب وسيجارة وإلتهام أكواز الصبّار .

عادةً، عندما يُكتشف أمر عميل أو إرهابي أو مجرم، تعمد عائلته أو عشيرته أو حزبه  إلى الإجتماع فوراً  وإصدار بيان للتبروء منه ومن فعلته، لكي لا تتحمل شريحة بكاملها وزر ما قام به فرد من هذه الشريحة،  وكل بيانات التبروء  تتضمن عبارة  تقول : " إنّ الجريمة التي إقترفها المجرم فلان ليست من شيم عائلتنا أو عشيرتنا أو حزبنا ".

لكن يبدو أنّ  ما قام به الإرهابي ميشال سماحة هو من شيم فريقه السياسي والمحور الذي ينتمي إليه، والدليل أنّ فريق الممانعة لم يتبرأ من الإرهابي ميشال سماحة ولا من فعلته ولا من النظام الذي أرسله لتنفيذ مخطط جهنمي لإشعال فتنة مذهبية لا تبقي ولاتذر، بل إستنكروا توقيفه في البداية، ثم إغتالوا اللواء وسام الحسن الذي كشف مخططهم ، ثم  إحتلفوا بالحكم الهزيل الصادر عن المحكمة العسكرية ورفعوا صور الإرهابي ميشال سماحة ووصفوه بالمقاوم، وزادوا إلتصاقاً بالنظام السوري الذي يعمل سماحة لحسابه.

بالسابق، عندما كانت توجّه التهم السياسية لفريق الممانعة بأنه يقف وراء الإغتيالات السياسية والإنفجارات الإرهابية التي إستهدفت سياسيين وإعلاميين ومواطنين أبرياء، كانوا يرفضون هذه التهم، ويعتبرونهاإستهداف للمقاومة، لكن إنكشاف أمر ميشال سماحة وإعترافاته، أسقط القناع عن وجه هذا الفريق وكشف طريقة عمله والأساليب التي يعتمدها لفرض شروطه وسيطرته على الشعب اللبناني والدولة اللبنانية .